الثاني : أن « أنَّهُمْ » بدل من الجملة قبله الزجاج وهو بدل من الجملة والمعنى ألم يروا أن القرون التي أهلكناهم أنهم لا يرجعون لأن عدم الرجوع والهلاك بمعنى قال أبو حيان ولي بشيء لأنه ليس بدلاً صناعياً وإنما فسر المعنى ولم يلحظ صناعة النحو قال شهاب الدين : بل هو بدل صناعي لأن الجملة في قوة المفسر إذ هي سادة مسد فعلوي « يروا » فإنها معلقة لها كما تقدم.
الثالث : قال الزمخشري : أَلَمْ يَرَوا الم يعلموا وهو معلَّقٌ عن العمل في « كَمْ » لأن « كم » لا يعمل فيها عامل قبلها سواه كانت للاستفهام ( أو للخبر، لأن أصلها الاستفهام ) إلا أنَّ معناها نافد في الجملة كما نفذ في قولك :( ألَمْ يَرَوْا ) إن زيداً لمُنْطَلِقٌ و « أن » لم يعمل في لفظه و « أنَّهُمْ إِلَيْهمْ لاَ يَرْجِعُون » بدل من « كَمْ أهلَكْنَا » على المعنى لا على اللفظ تقديره : ألم يروا كَثْرَة إهلاكنا القرون من قبلهم كونهم غير راجعين إليهم.
قال أبو حيان قوله « لأن كم لا يعمل فيها ما قبلها كانت للاستفهام أو للخبر » ليس على إطلاقه لأن إذا كانَ حرف جر أو اسماً مضافاً جاز أن يعمل فيها نحو : عَلَى كَمْ جِذْع بَيْتُكَ؟ وأيْن كم رئيس صَحِبْتَ؟ كَمْ فَقير تَصَدَّقْت أرجو الثواب؟ وأين كم شهيد في سبل الله أحسنت إليه. وقوله أو الخبرية الخبرة فيها لغة الفصيحة كما ذكر لا يتقدمها عامل إلا ما ذكرنا من الجار، واللغة الأخرى حكاها الأخفض يقولون : مَلَكْت كَمْ غُلاَم اي ملكت كثيراً من الغِلمان فكما يجوز تقدم العامل على كثيراً كذلك يجوز على « كم » لأنها بمعناها. وقوله : لأنها أصلها الاستفهام والخبرية ليس اصلها الاستفهام بل كل واحدة أصل ولكنهما لفظان مشتركان بين الاستفهام والخبر وقوله : لأن معناها نافذ في الجملة يعني معنى « يَرَوْا » نافذ في الجملة لأنه جعلها معلقة وشرح « يروا » بيعلموا، وقوله : كما نفذ في قولك :« أَلمَمْ يَرَوا إِنًّ زيداً لَمُنْطلِقٌ » يعني أنه لو كان معمولاً من حيث اللفظ لامتنع دخول اللام ولفتحت « أن » فإن « إن » التي في خبرها اللام من الأدوات المعلقة لأفعال القلوب، وقوله :﴿ أَنَّهُمْ إلَيْهِمْ ﴾ إلى آخر كلامه لا يصح أن يكون بدلاً على اللفظ ولا على المعنى أما على اللفظ فإن زعم أن « يروا » معلقة فتكون كم استفهامية فيه معمولة « لأهْلَكْنَا » و « أهلكنا » لا يتسلط على « أنَّهُمْ إلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ » كما تقدم.


الصفحة التالية
Icon