و « كل » مبتدأ و « جميع » خبره و « مُحْضَرُونَ » خبر ثاني لا يختلف ذلك سواء شددت « لما » أم خففتها، لا يقال : إن جميعاً تأكيد لا خبر ( لأن ) « جميعها » هنا فَعِيل بعنى مفعول أي مجموعون فكل يدل على الإحاطة والشمول وجميع يدل على الاجتماع فمعناها حمل على لفظها كما في قوله :﴿ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ ﴾ [ القمر : ٤٤ ] وقدم « جميع » في الموضعين لأجْل الفَوَاصِل و « لَدَيْنا » متعلق « بمُحْضَرُونَ » فمن شدد « فلما » بمعنى إلا وإنْ نافية كما تقدم والتقدير : ومَا كُلُّ إلاَّ جميعٌ ومن خفَّفَ « فَإنْ » مخففة ( من الثقيلة ) واللام فارقة وما مزيدة هذا قولا البصريين والكوفيون يقولون : إنَّ « إنْ » نافية واللام بمعنى إلا كما تقدم مراراً.

فصل


لما بين الإهلاك بين أن من أهْلَكَهُ ليس بتارك له بل بعده جمع وحبس وحساب وعقابٌ ولو أن من أهلك ترك لكان الموت راحةً ونعْمَ ما قال القائل :
٤١٧٩- ولو أنّا إذا ما متْنَا تُرِكْنَا لَكَانَ المَوْتُ رَاحَة كُلِّ حَيِّ
وَلكِنَّا إِذا مِتْنا بُعِثْنا وَنُسْأَلُ بَعْدَهَا عَنْ كُلِّ شَيِّ
قال الزمخشري : إن قال قائل :« كل وجميع » بمعنى واحد فكيف جعل جميعاً خبراً ل « كلّ » حيث أدخل اللام عليه إذ التقدير وإن كل لجميعٌ؟ نقول معنى « جميع » مجموع ومعنى « كل » أي كل فرد مجمع مع الآخر مضموم إليه ويمكن أن يقال :« مُحْضَرُونَ » يعني كما ذكره وذلك لأنه لو قال : وإن جميع لجميع محضرون لكان كلاماً صحيحاً. قال ابن الخطيب : ولم يوجد ما ذكره من الجواب بل الصحيح أنَّ مُحْضَرُونَ كالصفة للجمع فكأنه قال جميعٌ جميعٌ محضرون كما نقُول : الرجلُ رجلٌ عالم والنبيُّ نبيُّ مرسل. والواو في « وَإنْ كُلّ » يعطف على الحكاية كأنه يقول : بَيَّنْتُ لك ما ذكرت وأبين أن كُلاًّ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ.


الصفحة التالية
Icon