٤٠٥٣ - لَوْ بِغَيْرِ المَاءِ حَلْقِي شَرِقٌ | ............................... |
وهذا القول يؤدي إلى ذلك، ثم أجاب بأنه يغتفر في المعطوف عليه كقولهم :
« رُبَّ رَجُلٍ وَأَخِيهِ يَقُولاَنِ ذَلِكَ » وعلى مذهب المبرد يكون تقديره ولو ثبتَ البحرُ، وعلى التقديرين يكون
« يمُدُّهُ » جملة حالية من البحر.
والثاني : أن
« البحر » مبتدأ ( ويمده ) الخبر والجملة حالية كما تقدم في جملة الاشتغال، والرابط الواو، وقد جعله الزمخشري سؤالاً وجواباً وأنشد :
٤٠٥٤ - وَقَدْ أَغْتَدِي والطَّيْرُ في وُكُنَاتِهَا | ............................. |
و
« مِنْ شَجَرَةٍ » حال، إما من الموصول، أو من الضمير المستتر في الجار الواقع صلة، و
« أَقْلاَم » خبر
« أَنَّ »، قال أبو حيان : وفيه دليل على من يقول كالزمخشري ومن تعصب له من العجم على أن خَبَر أنَّ الواقعة بعد
« لو » لا يكون اسماً البتة لا جامداً ولا مشتقاً بل يتعين أن يكون فعلاً وهو باطل وأنشد :
٤٠٥٥ - ولَوْ َنَّهَا عُصْفُورَةٌ لَحَسِبْتُهَا | مُسَوَّمَةً تَدْعُو عُبَيْداً وَأَزْنَمَا |
وقال :
٤٠٥٦ - ما أطْيَبَ العَيْشَ لَوْ أنَّ الفَتَى حَجَرٌ تَنْبُو الحَوَادِثُ عَنْهُ وَهْوَ مَلْمُومُ... وقال :
٤٠٥٧ - وَلَوْ أَنَّ حَيّاً فَائِبُ المُوْتِ فَإِنَّهُ | أَخُو الحَرْبِ فَوْقَ القَارِحِ العُدْوَان |
قال : وهو كثير في كلامهم، قال شهاب الدين : وقد تقدم أن هذه الآية ونحوهَا يبطل ظاهر قول المتقدمين في
« لو » أنها حرف امتنا لامتناع إذ يلزم محذور عظيم وهو أن ما بعدها إذا كان مُثْبَتاً لفظاً فهو مُثْبَتٌ معنى وبالعكس، وقوله : مَا نَفِدت منفي لفظاً فلو كان مثبتاً معنى فسد المعنى، فعليك بالالتفات إلى أول البقرة. وقرأ عبدُ الله :
« وبَحْرٌ » بالتنكير وفيه وجهان معروفان، وسوغ الابتداء بالنكرة وقوعقها بعد واو الحال وهو معدود من مسوغات الابتداء بالنكرة، وأنشدوا :
٤٠٥٨ - سَرَيْنَا وَنَجْمٌ قَدْ أَضَاءَ فَمُذْ بَدَا | مُحْيَّاكَ أخْفَى ضَوْؤُهُ كُلَّ شَارِقِ |
وبهذا يظهر فساد قول من قال : إن في هذه القراءة يتعين ( القول بالعطف على
« أن » كأنه يوهم أنه ليس ثَمَّ مُسَوِّغ، وقرأ عبد الله وأبيّ
« تَمُدُّهُ » بالتأنيث لأجل
« سبعةٍ » والحَسَنُ، وابن هُرْمُز، وابن مِصْرِفٍ
« يُمِدُّهُ » بالياء من تحت مضمومة وكسر الميم من أَمَدَّهُ وقد تقدم اللغتان في آخر الأعراف وأوائل البقرة، والأل واللام في البحر لاستغراق الجنس أي ( وكل ) بحرٍ مدادٍ.
فصل
المعنى والبحر يمده، أي يَزيدُه، وينصب فيه من بعده أي من بعد خلقه سبعةُ أَبْحُر، وهذا إشارة إلى بحارٍ غير موجودة يعني لو مدت البحار الموجودة سبعة أبحر أخرى، وقوله :
« سبعة » ليس لانحصارها في سبعة وإنما الإشارة إلى المدد والكثرة، ولو بألفِ بحْر، وإنما خُصّت السبعةُ بالذكر من بين الأعداد لأنها عدد كثير يحصر المعدود في العادة، ويدل على ذلك وجوه :
الأول : أن المعلوم عند كل أحد لحاجته إليه هو الزمان والمكان فالزمان منحصر في سبعة أيام، ولأن الكواكب السيارة سبعة، والمنجمون ينسبون إليها مراراً فصارت السبعة كالعدد الحصر للمُكْثراتِ الواقعة في العادة فاستعملت في كُلِّ كَثِيرٍ.