قوله :﴿ إِنَّكُمْ لَذَآئِقُو العذاب الأليم ﴾ العامة على حذف النون والجر. وقرأ بعضهم بإثباتها والنصب هو الأصل وقرأ أبان بن تَغْلِب - عن عاصم وأبو السِّمِّال في رواية - بحذف النون والنصب أَجْرَى النون مُجْرَى التنوين في حذفها لالتقاء الساكنين كقوله :﴿ أَحَدٌ الله الصمد ﴾ [ الإخلاص : ١-٢ ] ( و ).
٤١٩٢- وَلاَ ذَاكِر اللَّه إلاَّ قَلِيلاً... وقال أبو البقاء : قرئ شاذا بالنصب وهو سهو من قارئه لأن اسم الفاعل يحذف منه النون وينصب إذا كان فيه الألف واللام، قال شهاب الدين : وليس بسهو لما تقدم، وقرأ أبو السمال أيضاً لذائق بالإفراد والتنوين الْعَذَابَ نصباً وتخريجه.
على حذف اسم جمع هذه صفته أي إنكم لفريقٌ أو لجمعٌ ذائقٌ ليتطابق الاسم والخبر في الجَمْعِيَّة ثم كأنه قيل : فكيف يليق بالرحيم الكريم المتعالي عن النفع والضر أن يعذب عباده؟ فأجاب بقوله :﴿ وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ أي « إلا جزاء ما كنتم تعملون ».
قوله :﴿ إِلاَّ عِبَادَ الله ﴾ استثناء منقعطع أي لكن عباد الله المخلصين الموحدين، وقوله :﴿ أُوْلَئِكَ لَهُمْ ﴾ بيان لحالهم، وقد تقدم في فتح اللام وكسرها من المْخْلَصِينَ قراءتان فمن قرأ بالفتح فالمعنى أن الله تعالى أخلصهم واصطفاهم بفضله. والكسر هو أنهم أخلصوا الطاعة لله تعالى والرزق المعلوم قيل : بُكْرَةً وعَشِيًّا لقوله :﴿ وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً ﴾ [ مريم : ٦٢ ] فيكون المراد منه معلوم الوقت وهو مقدار غَدْوَةٍ أو عَشْوَة وإن لم يكن ثم بكرة ولا عشية. وقيل : ذلك الرزق معلوم الصفة أي مخصوصاً بصفات من يطب طعم ولذة وحسن منظر. وقيل معناه أنهم القدر الذي يستحقونه بأعمالهم من ثواب الله وقد ( بين أنه ) تعالى يعطيهم غير ذلك تَفَضُّلاً.
قوله :﴿ فَوَاكِهُ ﴾ يجوز أن يكون بدلاً من « رزقٍ » وأن يكون خبراً ابتداء مضمر أي ذلك الرزق فَوَاكِهُ وفي الْفَوَاكِهِ قَوْلاَنِ :
أحدهما : أنها عبارة عما يؤكل للتلذذ لا للحاجة وأرزاق أهل الجنة كلها فواكه لأنهم مستغنون عن حفظ الصحّة بالأقوات فإن أجسامهم محكومة ومخلوقة للأبد فكل ما يأكلونه فهو على سبيل التلذذ.
والثاني : أن المقصود بذكر الفاكهة التنبيه بالأدنى على الأعلى، لما كانت الفاكهة حاضرة أبداً كان المأكول للغذاء أولى بالحضور.
قوله :﴿ وَهُم مُّكْرَمُونَ ﴾ قرأ العامة مُكْرَمُونَ خفيفة الراء و ( ابن ) مِقْسِم بتشديدها والمعنى وهم مُكَرَّمُونَ بثواب الله في جنات النعيم لما ذكر مأكولهم ذكر مسكنهم وقوله « فِي جَنَّاتِ » يجوز أن يتعلق « بمُكْرَمُونَ » وأن يكون خيراً ثانياً وأن يكون حالاً.
قوله :﴿ على سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴾ العامة على ضم الراء. وأبو السَّمَّال بفتحها وهي لغة بعض كَلْبٍ، وتميم يفتحون عين « فُعُلٍ » جمعاً إذا كان اسماً مضاعفاً. وأما الصفة نحو : ذُلُل ففيها خلاف.