( وقُرِئَ مُطّلعون بالتشديد كالعامة فأَطْلُعَ مضارعاً « منصوباً ( بإضمار » أَنْ « على جواب الاستفهام ). وقرئ مُطْلِعُونَ بالتخفيف فأطْلِعَ فَأطْلِعَ مخففاً ماضياً ومخففاً مضارعاً على ما تقدم يُقالُ : طَلَع عَلَيْنَا فلانٌ وأَطْلَعَ كأَكْرَمَ واطَّلَعَ بالتشديد بمعنى واحد وأما قراءة من بني الفعل للمفعول ففي القائم مقام الفاعل ثلاثة أوجه :
أحدهما : أنه مصدر الفعل أي اطَّلَعَ الاطِّلاَع.
الثَّانِي : الجار المقدر.
الثَّالِثُ :- وهو الصحيح- أنه ضمير القائل لأصحابه ما قاله لأنه يقال : طَلَعَ زَيْدٌ وأَطْلَعَهُ غَيْرَهُ فالهمزة فيه للتعدية، وأما الوجهان الأولان فذهب إليهما أبو الفضل الرازي في لَوَامِحِهِ فقال : طلع واطّلع إذا بدا وظهر واطّلع اطّلاعاً إذا جاء وأقبل. ومعنى ذلك : هل أنت مقبلون فأُقْبِل، وإنما أقيم المصدر فيه مُقَامَ الفاعل بتقدير فاطلع الاطلاع، أو بتقدير حرف الجر المحذوف أي أُطْلِعَ بِهِ لأن أَطْلََ لازم كما أن أقبل كذلك ورد عليه أبو حيان هذين الوجهين فقال قد ذكرنا أن » أطْلَعَ « بالهمزة معدًّى بها من طلع اللازم. وأما قوله أو حرف الجر المحذوف أي اطلع به فهذا لا يجوز لأن مفعول ما لم يسم فاعله لا يجوز حذفه لأنه نائب عنه فكما أن الفاعل لا يجوز حذفه دون عامله، فكذلك هذا لو قلت :» زَيْدٌ مَمْرُورٌ أو مغْضُوبٌ « تريد » بِهِ « أو » عَلَيْهِ « لم يجز.
قال شهاب الدين : أبو الفضل لا يَدَّعي أن النائب عن الفاعل محذوف وإنما قال : بتقدير حرف الجر المحذوف. ( ومعنى ذلك ) أنه لما حذف حرف الجر اتَّسَاعاً انقلب الضمير مرفوعاً فاستتر في الفعل كما يدعى ذلك في حذف عائد الموصول المجرور عند عدم شروط الحذف ويُسَمَّى الحذف على التدريج.
قوله :﴿ فَرَآهُ ﴾ عطف على » فَاطَّلَعَ « و » سَوَاءُ الجَحِيم « وسطها وأحسن ما قيل فيه ما قاله ابن عباس سمي بذلك لاستواء المسافة منه إلى الجوانب وعن عيسى بن عُمَر أنه قال لأبي عُبَيْدَةَ : كنت أكتب حتى ينقطع سوائي.
قوله :﴿ تالله ﴾ قسم فيه تعجب، و » إنْ « مخففة أو نافية واللام في » لَتُرْدِين « فارقة أو بمعنى إلا. وعلى التقديرين فهي جواب القسم أعني إن وما في خبرها.
فصل
قال المفسرون : إنه ذهب إلى أطراف الجنة فاطلع عندها إلى النار فَرَآهُ فِي سَوَاء الجَحِيم أي وسط الجحيم فقال له توبيخاً :﴿ تالله إنْ كدت لتردين ﴾ أي والله لقد كِدتَ أن تهلكني.