[ الأنعام : ١٠٠ ] أن قوماً من الزَّنَادِقَة يقولون : إن الله وإبليس أخوان فالله هو الحرّ الكريم إبليس هو الأخر الشديد، فقوله تعالى :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ المراد منه هذا المذهب وهذا القول عندي هو أقرب الأقاويل. وهو مذهب المجوس القائلين بيزدان وأهرمن، ثم قال :﴿ وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجنة إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ﴾ أي علمت الجنة أنّ الذين قالوا هذا القول محضرون النار ومعذبون. وقيل : المراد ولقد علمت الجنة أنّ الجنة أنهم سيحضرون في العذاب. فعلى ( القول ) الأول : الضمير عائد إلى قائل هذا القول وعلى ( القَوْلِ ) الثَّانِي عَائِدٌ إلى نفس الجنة، ثم إنه تعالى نزَّه نفسه عما قالوا من الكذب فقال ﴿ سُبْحَانَ الله عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ قوله :﴿ إِلاَّ عِبَادَ الله المخلصين ﴾ في هذا الاستثناء وجوه :
أحدهما : أنه مستثنى منقطع والمستثنى منه إما فاعل « جَعَلُوا » أي جعلوا بينه وبين الجنة نسباً إلى عباد الله؟.
الثاني : أنه فاعل « يَصِفُونَ » أي لكن عباد الله يصفونه بما يليق به تعالى.
الثالث : أنه ضمير « محضرون » أي لكن عباد الله ناجُون. وعلى هذا فتكون جملة التسبيح معترضةً وظاهر كلام أبي البقاء أنه يجوز أن يكون استثناءً متصلاً لأنه قال : مستثنى من « جَعَلُوا » أو « مُحْضَرُونَ » ويجوز أن يكون منفصلاً وظاهر هذه العبارة أن الوجهين الأولين هو فيهما متصل لا منفصل وليس ببعيد كأنه قيل : وجَعَلَ الناسَ، ثم استثنى منهم هؤلاء وكل من لم يجعل بين الله وبين الجنة نسباً فهو عند الله مُخْلَصٌ من الشِّرك.