وقيل : إن تلك المرأة لما أقدمت على عبادة تلك الصوةر افتتن سليمان فكان يسقط الخاتم من يده ولا يتماسك فيها فقال له آصف إنك لمفتون بذنبك فتُبْ إلى الله تعالى.
وقيل : إن سليمان قال لبعض الشياطين : كيف تفتنون الناس : فقال : أرني خاتَمَكَ أُخْبِرْك، فلما أعطاه إياه نبذه في البحر، وذهب ملكه وقعد هذا الشيطان على كرسيه ثم ذكر الحكاية إلى آخرها فقالوا : المراد من قوله :﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ ﴾ أن الله تعالة ابتلاه، وقوله :﴿ وَأَلْقَيْنَا على كُرْسِيِّهِ جَسَداً ﴾ عقوبة له. قال ابن الخطيب : واستبعد أهل التحقيق هذا الكلام من وجوه :
الأول : أن الشيطان لو قدر على أن يتشبه في الصورة والخلقة بالأنبياء فحينئذ لا يبقى اعتماد على شيء من ذلك فلعل هؤلاء الذين رآهم الناس على صورة محمد وعيسى وموسى - عليهم ( الصلاة و ) السلام ) - ما كانوا أولئك بل كانوا شياطين تشبهوا بهم في الصورة لأجل الإغواء والإضلال وذلك يبطل الدين بالكلية.
الثاني : أن الشيطان لو قدر أن يعامل نبي الله سليمان بمثل هذه المعاملة لوجب أن يقدر على مثلها مع جميع العلماء والزهاد وحينئذ يجب أن يقلتهم ويمزق تَصَانِيفَهُمْ، ويُخَرِّب دِيَارَهُم، ولما بطل ذلك في حق آحاد العلماء فلأن يبطل في حق أكابر الأنبياء أولَى.
الثالث : كيف يليق بحكمة الله وإحسانه أن يسلط الشيطان على أزواج سليمان؟ ( ولا شك أنه قبيح.


الصفحة التالية
Icon