وهما لغتان، يقال : صَلَّ اللحمُ بفتح الصاد وكسرها لمجيء الماضي مَفْتُوحَ العين ومَكْسُورَها، ومعنى صَلَّ اللَّحْمُ أنْتَنَ وتَغيَّرتَ رَائِحَتُهُ ويقال أيضاً : أَصَلَّ بالألف قال :

٤٠٦٤ - تُلَجْلِجُ مُضْغَةً فِيهَا أنِيضُ أَصَلَّتْ فَهيَ تَحْتَ الكَشْحِ دَاءُ
وقال النحاس : لا يعرف في اللغة « صَلَلْنَا » ولكن يقال : صَلَّ اللَّحْمُ وأَصَلَّ، وخَمَّ وأَخَمَّ وقد عَرَفَها غَيْرُ أَبِي جَعْفَر.

فصل


قال في تكذيبهم بالرسالة :« أَمْ يَقُولُونَ » بلفظ المستقبل وقال في تكذيبهم بالحشر :« وَقَالُوا » بلفظ الماضي؛ لأن تكذيبهم بالرسالة لم يكن قبل وجوده، وإنما كان حال وجوده فقال :« يَقُولُونَ » يعني هم فيه. وأما إنكار الحشر فكان سابقاً صادراً منهم ومن آبائهم فقال :« وَقَالُوا » وصرح بقولهم في الرسالة فقال :« أَمْ يَقُولُونَ » وفي الحشر فقال :﴿ وقالوا أَإِذَا ضَلَلْنَا ﴾ ولم يصرح بقولهم في الوحدانية؛ لأنهم كانوا مصرين في جميع الأحوال على إنكار الحشر والرسالة وأما الوحدانية فكانوا يعترفون بها في بعض الأحوال في قوله :﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ الله ﴾ [ لقمان : ٢٥ ] فلم يقل : قالوا إن الله ليس بواحد وإن كانوا قالوه في الظاهر.
فإن قيل : إنه ذكر الرسالة من قبل وذكر دليلها ( وهو التنزيل الذي لا ريب فيه وذكر الوحدانية وذكر دليلها وهو ) خَلْقُ السماوات والأرض وخَلْقُ الإنسان من طين، ولما ذكر إنكارهم الحشرَ لم يذكر الدليل؟
فالجواب : أنه ذكر دليله أيضاً وهو أن خلق الإنسان ابتداءً دليل على قدرته على الإعادة ولهذا استدل ( تعالى ) على إمكان الحشر بالخلق الأول كما قال :﴿ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾ [ الروم : ٢٧ ] وقوله :﴿ قُلْ يُحْيِيهَا الذي أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ [ يس : ٧٩ ] وأيضاً خلق السماوات والأرض كما قال :﴿ أَوَلَيْسَ الذي خَلَقَ السماوات والأرض بِقَادِرٍ على أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بلى ﴾ [ يس : ٨١ ].
قوله :﴿ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ استفهام إنكاري أي إننا كائنونَ في خلق جديد أو واقعون فيه ﴿ بَلْ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ ﴾ إضراب عن الأول يعني ليس إنكارهم لمجرد الخلق ثانياً بل يكفرون بجميع أحوال الآخرة حتى لو صدقوا بالخلق الثاني لما اعترفوا بالعذاب والثواب. أو يكون المعنى لم ينكروا البعث لنفسه بل لكفرهم بلقاء الله فإنهم كَرِهُوهُ فأنكروا المُفْضي إلَيْهِ، ثم بين لهم ما يكون ( من الموت إلى العذاب ) فقال :« قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ » يقبض أرواحكم ﴿ مَّلَكُ الموت الذي وُكِّلَ بِكُمْ ﴾ أي وكل بقبض أرواحكم وهو عزرائيلُ، ( والتَّوَفِّي ) استيفاء العدد معناه أنه يقبض أرواحهم حتى لا يبقى أحد من العدد الذي كُتِبَ عليه الموت.


الصفحة التالية
Icon