قال شهاب الدين : وهذا غير معروفٍ.
فصل
قيل : هذا على التقديم والتأخير والتقدير : هذا حميمٌ وغَسَّاق ( فَليَذُوقُوهُ، وقيل : التقدير : جهنم يصلونها فبئس المهاد هذا فليذوقوه ثم يبتدئ فيقوله : حَمِيمٌ وغَسَّاق أي منه حميم وغساق ) والغَسَقُ السَّيَلاَنُ، يقال : غَسَقَتْ عَيْنهُ أي سَالَتْ، قال المفسرون : إنه ما يسيل من صديدهم، وقيل : غسق أي امتلأ، ومه غسبقت عينه أي امتلأت بالدمع ومنه الغَاسِق للقمر لامتلائه وكماله. وقيل : الغَسَّاق ما قَتَلَ ببردِهِ، ومنه قيل : لليل : غاسِقٌ، لأنه أبرد من النهار، ( و ) قال ابن عباس : هو الزَّمْهَريرُ يحرقهم ببرده كما تحرقهم النار بحرِّها. وقال مجاهد وقتادة : هوا لذي انتهى برده، وقيل : الغسق شدة الظلمة ومنه قيل للَيل غاسق، ويقال للقمر غاسق إذا كسف لا سُوِدَادِهِ، والْقَولان منقوللان في تفسير قوله تعالى :﴿ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ ﴾ [ الفلق : ٢ ] وقيل : الغساق : المنتن بلغة الترك وحكى الزاج :« لو قَطَرَتْ منه قطرة بالمغرب لأَنْبَنَتْ أهل المشرق » وقال ابن عُمَر : هوا لقيح الذي يسيل منهم يجتمع فيُسْقَوْنَهُ، قال قتادة : هو ما يَغْسِقُ أي يسيل من القيح والصَّديد من جلودها أهل النار ولحومهم وفروج الزناة من قولهم : غَسَقَتْ عَيْنُهُ إذا انْصَبَّتْ والغَسَقَانُ الانْصَابُ، قال كعب : الغَسّاق عينٌ في جهنم يسيل إليهم كل ذوات حية وعقرب.
قوله :﴿ وَآخَرُ ﴾ قرأ أبو عمرو بضم الهمزة على أنه جمع وارتفاعه من أوجهٍ :
أحدها : أنه مبتدأ و « مِنْ شكْلِهِ » خبره، و « أَزْوَاجٌ » فاعل به.
الثاني : أن يكون مبتدأ أيضاً و « مِنْ شَكْلِهِ » خبر مقدم، و « أزواج » مبتدأ. والجملة خبره، وعلى هذين القولين فيقال : كيف يصحُّ من غير ضمير يعود على « آخر » فإن الضمير في « شكله » يعود على ما تقدم أي من شكل المذوق؟ والجواب أن الضمير عائد على المبتدأ وإنما أفرد وذكر لأن المعنى من شكل ما ذكرنا. ذكر هذا التأويل أبُو البَقَاء. قود منعَ مَكِّيٌّ ذلك لأجل الخُلُوِّ من الضمير وجوابه ما ذكرنا.
الثالث : أن يكون « مِنْ شَكْلِهِ » نعتاً « لآخر » و « أزواج » خبر المبتدأ أي « آخر من شكله المذوق أزواج ».
الرابع : أن يكون « مِنْ شَكْلِهِ » نعتاً أيضاً، و « أزواج » فاعل به والضمير عائد على « آخر » بالتأويل المتقدم وعلى هذا فيرتفع « آخر » على الابتداء، والخبر مقدر أي ولهم أنواع أخرُ استقر من شكلها أزواج.