وأما في عذاب الآخرة فالذي يصلح للتخويف هو العظيم والكبير ( لا ) البعيد لِمَا بينا فقال في عذاب الدنيا الأدنى ليحترز العاقل عنه ولو قال :« وَلَنُذِيقَنَّهُمْ من العذاب الأصغر » ما كان يحترز عنه لصغره وعدم فَهْم كونه عاجلاً، وقال في عذاب الآخرة الأكبر لذلك المعنى ولو قال : مِنَ العَذَابِ الأبعد الأقْصَى ( لما حصل ) التخويف به مثل ما يحصل بوصفه بالكِبَر.
قوله :« لعلهم يرجعون » إلى الإيمان يعني مَنْ بَقِي منهم بعد « بدر ».
فإن قيل : ما الحكمة في هذا الترجي وهو على الله تعالى محال؟
فالجواب : فيه وجهان :
أحدهما : معناه لنذيقنهم إذاقة الراجين كقوله :« إنَّا نَسِنَاكُمْ » يعني تركناكم كما يترك الناس ( حيث لا يلتفت إليه ) أَصْلاً كَذلِكَ ههنا.
والثاني : نذيقهم العذاب إذاقة يقول القائل : لعلهم يرجعون بسببه.
والثاني : نذيقهم العذاب إذاقة يقول القائل : لعلهم يرجعون بسببه.
قوله :﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ﴾ ( أي من ذكر بآيات الله ) من النعم أولاً، والنِّقَم ثانياً ولم يؤمنوا، فلا أظلَمُ منهم أَحدٌ.
قوله :﴿ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَآ ﴾ هذه أبعد ما بين الرُّتْبَتَيْنِ معنىً، وشبهها الزمخشري بقوله :

٤٠٦٧ - وَمَا يَكْشِفُ الغَمَّاء إلاَّ ابْنُ حُرَّةٍ يَرَى غَمَرَاتِ المَوْتِ ثُمَّ يَزُورُهَا
قال : استبعد ( أن يزور ) غمرات الموت بعد أن رآها وعرفها، واطلع على شدتها.
قوله :﴿ إِنَّا مِنَ المجرمين ﴾ ( يعني المشركين ) « مُنْتَقِمُونَ ».


الصفحة التالية
Icon