[ الحاقة : ١٧ ] فإذا وصف الملائكة بكونهم حاملين للعرش العظيم فيكف يجوز تقرير عظمته الله تعالى بكونه حاملاً للسموات والأرض؟!
السؤال الثاني : قوله تعالى :﴿ والأرض جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القيامة والسماوات مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ﴾ شرح حالاً لا يحصل إلا في القيامة والقوم ما شاهدوا ذلك فإن كان هذا الخطاب مع المصدقين للأنبياء فهم مقرون بأنه لا يجوز القول بجعل الأصنام شركاء لله فلا فائدة في إيراد هذه الحجة عليهم وإن كان الخطاب مع المكذبين في النبوة فهم ينكرون قوله :« والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة » فكيف يمكن الاستدلال به على إبطال القول بالشرك؟.
السؤال الثالث : حاصل القول بالقبضة واليمين هو القدرة الكاملة الوافية بحفظ هذه الأجسام العظيمة فكما أن حفظها وإمساكها يوم القيامة ليس إلا بقدر الله تعالى فكذلك الآن فما الفائدة في تخصيص هذه الأحوال بيوم القيامة؟.
والجواب عن الأول : أن مراتب التعظيم كثيرة فأولها تقرير عظمة الله بكونه قادراً على حفظ هذه الأجسام العظيمة كما أن حفضَها وإمساكها يوم القيامة عظيم، ثم بعده تقرير عظمته بكون قادراً على إمساك أولئك الملائكة الذين يحملون العرش.
والجواب : عن الثاني : أن المقصود منه أن المتولي لإبقاء السموات والأَرَضِين من وجوه العِمَارة في هذا الوقت هو المتولي لتخريبها وإبقائها يوم القيامة وذلك يدل على حصول قدرة تامة على الإيجاد والإعدام ويدل أيضاً على كونه قادراً غنياً على الإطلاق فإنه يدل على أنه حاول تخريب الأرض فكأنه يقبض صغيرة، وذلك يدل على كمال الاستغناء.
والجواب : عن الثالث : أنه إنما خصص تلك الحالة بيوم القيامة ليدل على أنه كما ظهر كمال قدرته في الإيجاد عند عمارة الدنيا يظهر كمال قدرته في الإعدام عند خراب الدنيا والله أعلم.
قوله :﴿ وَنُفِخَ فِي الصور ﴾ العامة على سكون الواو، وزيد بن علي وقتادة بفتحها جمع « صُورَة » وهذه ترد قول ابن عطية أن الصور هنا يتعين أن يكون القرن، ولا يجوز أن يكون جمع صورة وقرئ : فصعق- مبنياً للمفعول- وهو مأخوذ من قوله :« صَعَقَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ، يال : صَعَقَةُ الله فَصُعِقَ.
قوله :﴿ إِلاَّ مَن شَآءَ الله ﴾ ( استثناء ) متصل، والمستثنى إما جبريل وميكائيل وإسرافيل : وإما رِضْوَان والحور والزبانية، وإما البارئ تعالى، قاله الحسن وفيه نظر من حيث قوله ﴿ مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأرض ﴾ فإنه لا يتحيز فعلى هذا يتعين أن يكون منقطعاً.
قوله :﴿ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أخرى ﴾ يجوز أن يكون »
أخرى « هي القائمة مقام الفاعل وهي في الأصل صفة لمصدر محذوف أي نفخ فيه نفخة أخرى ويؤيده التصريح بذلك في قوله :﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ ﴾ [ الحاقة : ١٣ ] فصرح بإقامة المصدر ويجوزُ أن يكون القائم مقامه الجارّ، و » أُخْرَى « منصوبة على ما تقدم.
قوله :﴿ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ ﴾ العامة على رفع »
قيام « خبراً، وزَيْدُ بْنُ عَلِيِّ نصبه حالاً، وفيه حنيئذ أوجه :
أحدهما : أن الخبر »
ينظرون « وهو العامل في هذه الحال أي فإذا هُمْ يَنْظُرُونَ قِيَاماً.


الصفحة التالية
Icon