وقال الفراء- وبتعه الزمخشري- ولا واحِدَ لحافّين وكأنهما رأيا أن الواحد لا يكون « حَافًّا » إذ الحفوف هوا لإحداق بالشيء والإحاطة به وهذا لا يتحقق إلا في جمع.

فصل


لما ذكر صفة ( الثواب ) البشر ذكر عقيبه ثواب الملائكة فكما دارُ ثواب المتقين هو الجنة فكذلك دارُ ثواب الملائكة جوانب العرش فقال :﴿ حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ العرش ﴾ أي محدقين محيطين بالعرش بحافيه أي جوانبه، قال الليث حَفَّ القَوْمُ بسَيِّدِهِمْ يَحُفُّونَ حَفًّا إِذَا طافوا به.
قوله :﴿ مِنْ حَوْلِ ﴾ في « من » وجهان :
أحدهما : وهو قول الأخفش : أنها مزيدة.
والثاني : أنها للابتداء.
وقوله ﴿ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ﴾ « يسبحون » حال من الضمير في « حافين »، قيل هذا تسبيح لتذذ لا تسبيح تعبد، لأن التكليف يزول في ذلك اليوم وهذا يشعر بأن ثوابهم هو عَين ذلك التسبيح.
قوله :﴿ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بالحق ﴾ هذا الضمير إما للملائكة، وإما للعباد ( ة ) وَقِيلَ : قضى بين أهل الجنة والنار بالعدل ﴿ وَقِيلَ الحمد لِلَّهِ رَبِّ العالمين ﴾ وقيل : إن الملائكة لما قضى بينهم ( بالحق ) قالوا : الحمد لله رب العالمين على قضائه بيننا بالحق.
روى أبو أمامة عن أبيّ بن كعب قال : قال رسول الله - ﷺ - ( وشرف كرم وبجل ومجد وعظم ) :« مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الزُّمَر لَمْ يَقْطَعِ اللَّهُ رَجَاءَهُ وَأعْطَاهُ ثَوَابَ الخَائِفينَ » وعن عاشئة - رضي الله عنها- قالت :« كان رسول اله - ﷺ - يَقْرَأُ كُلَّ ليلة بني إِسْرَائِيلَ والزُّمَر ». رواهما الثعلبي في تفسيره. والله ( تعالى ) أعلم.


الصفحة التالية
Icon