قال بان عباس وأكثر العلماء كان اسم الجرل خزييل. وقال ابن إسحاق جبريل، وقيل حبيب.
قوله :« رَجُلٌ مُؤْمِنٌ » الأكثرون قرأُوا بضم الجيم، وقرىء رَجِلَ بكسر الجيم كما يقال : عَضِدٌ في عَضُدٍ. وقرأ الأعمش وعبد الوارث بتسكينها وهي لغة تميمٍ ونجد والأولى هي الفصحى.
قوله « من آل » يحتمل أن يكون متعلقاً « بيكْتُمُ » بعده أي يكتم إيمانه من آل فرعون.
قيل : هذا الاحتمال غير جائز؛ لأنه لا يقال : كتمتُ من فلانٍ كذا، إنما يقال : كتمته كذا، قال تعالى :﴿ وَلاَ يَكْتُمُونَ الله حَدِيثاً ﴾ [ النساء : ٤٢ ] بل الظاهر تعلقه بمحذوف صفةً لرجل.
قال ابن الخطيب : يجوز أن يكون متعلقاً بقوله :« مؤمن » وإن كان ذلك المؤمن شخصاً من آل فرعون.
قال شهاب الدين : وجاء هنا على أحسن ترتيب حيث قدم المفرد ثم ما يقرب منه وهو حرف الجر ثم الجملة وقد تقدم أيضاً هذه المسألة في المائدة وغيرها ويترتب على الوجهين هل كان هذا الرجل من قرابة فرعون فعلى الأولى لا دليل فيه، وقد رد بعضهم الأول بما تقدم، وأنه لا يقال : ك تمت من فلان كذا إنما يقال : كتمت فلاناً كذا فيتعدى لاثنين بنفسه، قال تعالى :﴿ وَلاَ يَكْتُمُونَ الله حَدِيثاً ﴾ [ النساء : ٤٢ ] وقال الشاعر :
٤٣٣٢ كَتَمْتُكَ هَمًّا بالجَمُومَيْنِ سَاهِراً | وَهَمَّيْنِ هَمًّا مُسْتَكِنّاً وَظَاهِرَا |
أَحَادِيثَ نَفْسٍ تَشْتَكِي مَا يَرِيبُها | وَوِرْدَ هُمُومٍ لَنْ يَجِدْنَ مَصَادِرَا |
قوله ﴿ أَن يَقُولَ رَبِّيَ ﴾ أي كراهة أن يقول، أو لأن يقول. قال الزمخشري : ولك أن تقدر مضافاً محذوفاً أي وقت أن يقول والمعنى أتقتلونه ساعة سمتعم منه هذا القول من غير روية ولا فكر ( في أمره ) وهذا الذي أجازه رده أبو حيان بأن تقدير هذا الوقت لا يجوز إلا مع المصدر المصرّح به، تقول : صِيَاحَ الدِّيكِ أي وقت صياحه، ولو قلت : أجيئك أَنْ صَاحَ الديك أو أَنْ يَصِيحَ لم يصح نص عليه النحويون
قوله :« وقد جاءكم » جملة حالية، يجوز أن تكون من المفعول.
فإن قيل : هو نكرة.
فالجواب : أنه في حيِّز الاستفهام وكل ما سوغ الابتداء بالنكرة سوغ انتصاب الحال عنها، ويجوز أن تكون حالاً من الفاعل.
فصل
لما حكى الله تعالى عن موسى ﷺ أنه ما زاد في دفع مكر فرعون وشره على الاستعاذة بالله بين أنه تعالى قَيَّضَ له إنساناً أجنبياً حتى ذب عنه بأحسن الوجوه وبالغ في تسكين تلك الفتنة فقال :﴿ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ الله ﴾ وهذا استفهام على سبيل الإنكار، وذكر في هذا الكلام ما يدل على حسن ذلك الإنكار، وذلك لأنه ما زاد على أن قال : ربي الله وجاء بالبينات، وذلك لا يوجب القتل البتةَ فقوله :﴿ وَقَدْ جَآءَكُمْ بالبينات مِن رَّبِّكُمْ ﴾ يحتمل وجهين :
الأول : أن قوله « ربي الله » إشارة إلى تعزيز النبوة بإظهار المعجزة.