« ظُنُّوا باللَّهِ خَيْراً » ومن الكافر الظن السوء كقوله تعالى :﴿ ذَلِكَ ظَنُّ الذين كَفَرُواْ ﴾ [ ص : ٢٧ ] وقوله :﴿ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن ﴾ [ الأنعام : ١٤٨ ].
قوله :« هُنَالِكَ » منصوب « بابْتُلِيَ ». وقيل :« بتَظُنُّونَ » واستضعفه ابن عطية وفيه وجهان :
أحدهما : أنه ظرف مكان بعيد أي في ذلك المكان الدحْضِ وهو الخَنْدق.
والثاني : أنه ظرف زمان، وأنشد بعضهم على ذلك :

٤٠٧١ - وَإِذَا الأُمُورُ تَعَاظَمَتْ وَتَشَاكَلَتْ فَهُنَاكَ يَعْتَرِفُونَ أَيْنَ المَفْزَعُ
« وَزُلْزِلُوا » قرأ العامة بضم الزاي الأولى، ( وكسر الثانية على اصل ما لم يسم فاعله، وروى غير واحد عن « أبي عمرو » كسر الأولى )، وروى الزمخشري عنه إشمامها كسراُ، ووجه هذه القراءة أن يكون أتبع الزاي الأولى للثانية في الكسر ولم يعتد بالساكن لكونه غير حصين كقولهم : مِبين - بكسر الميم - والأصل ضمها.
قوله :« زِلْزَالاً » مصدر مُبَيِّن للنوع بالوصف والعامة على كسر الزاي، وعيسى، والجَحْدَرِيّ فتحاها وهما لغتان في مصدر الفعل المضعف إذا جاء على « فعلال » نحو :« زَلْزَال، وقَلقالَ وصَلْصَال، وقد يراد بالمفتوح اسم الفاعل نحو : صَلْصَال بمعنى مُصَلْصِلٌ بمعنى » مُزَلْزِل «.

فصل


قال المفسرون : معنى ابتلي المؤمنون اختبر المؤمنون بالحَصْرِ والقتال ليبين المخلص من المنافق، والابتلاء من الله ليس لإبانة الأمر له بل لحكمة أخرى وهي أن الله تعالى عالم بما هم عليه لكنه أراد أظهار الأمر لغيره من الملائكة والأنبياء كما أن السيد إذا علم من عبده المخالفة عزم على معاقبته على مخالفته، وعنده غير من العبيد أو غيرهم فيأمره بأمر عالماً بأنه مخالف لكي يتبين الأمر عند الغير فيقع المعاقبة على أحسن الوجوه حيث لا يقع لأحد أنه يظلم، وقوله :﴿ وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالاً شَدِيداً ﴾ أي أزعجوا وحركوا حركة شديدة فمن ثبت منهم كان من الذين إذا ذكر الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ.


الصفحة التالية
Icon