قوله :« فَيَوْمَئِذٍ » أي إِذْ يَشْفَعُ ذَلك يقولُ الذين أثوتوا العلمَ تلك المقالة « لا ينفع » هو الناصب ليومئذ قبله، وقرأ الكوفيون هنا وفي غافر بالياء من تحت وافقهم نافعٌ على ما في غافر؛ لأن التأنيث مجازيّ ولأنه قد فصل أيضاً والباقون بالتأنيث فيهما مراعاةٌ للفظ.
قوله :﴿ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ﴾ قال الزمخشري من قولك : أسْتَعْتَبَنِي فلانٌ فَأَعْتَبْتُهُ أي اسْتَرْضَانِي فَأَرضَيْتُهُ، وذلك إذا كان جانياً ( عليه ) وحقيقة « أَعْتَبْتُهُ » أزلت عَتْبَهُ ألا ترى إلى قوله :
٤٠٤٨ - غَضِبَتْ تَمِيمٌ أن تقَتَّلَ عَامِرٌ | يَوْمَ النِّسَارِ فَأُعْتِبُوا بالصَّيْلَمِ |
قوله :﴿ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هذا القرآن مِن كُلِّ مَثَلٍ ﴾ وهذا إشارة إلى إزالة الأعْذَار والإتيان بما فوق الكفاية من الإنذار وأنه لم يبقَ من جانب الرسول تقصيرٌ فَإن طلبوا شيئاً آخر فذاك عناد مَحْض لأن من كذَّب دليلاً لا يَصْعبُ عليه تكذيب الدلائل بل يا يجوز للمستدل أن يَشْرَع في دليل آخر بعد ذكره دليلاً جيِّداً مستقيماً ظاهراً لا إشكال عليه، وعانده الخصم لأنه إما أن يعترف بوُرُودِ سُؤال الخَصْم عليه أو لا يعترف فإن اعترف يكون انقطاعاً وهو يَقْدَحُ في الدليل والمستدلّ إما أن يكون الدليل فاسداً وإما أن المستدل جاهل بوجه الدلالة والاستدلال وكلاهما لا يجوز الاعراف ( به ) من العلم فكيف من النبي ﷺ وإن لم يعترف بكون الشُّرُوعِ في غيره يوهم أن الخَصم معاند فيحترز عن العناد في الثاني أكثر.
فإن قيل : فالأنبياء عليهم ( الصلاة و ) السلام ذكروا أنواعاً من الدلائل، فنقول سردوها سَرْداً ثم فردوها فرداً فرداً ( كما ) يَقُولُ : الدليلُ عليه من وجوه : الأول : كذا، والثاني : كذا، والثالث : كذا.