٤٠٧٥ - مَتَى تَلْقَهُمْ لَمْ تَلْقَ فِي البَيْتِ مُعْوَراً | وَلاَ الصَّيْفَ مَسْجُوراً ولاَ الجَارَ مُرْسَلاً |
قوله :﴿ وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِّنْ أَقْطَارِهَا ﴾ ولو دخل عليهم المدينة أو البيوت يعني هؤلاء الجيوش الذين يريدون قتالهم وهم الأحواب « مِنْ أقْطَارِهَا » جوانبها. وفيه لغة وتروى : أَفْتَار - بالتاء -. والقُطْرُ : الجانب أيضاً ومنه قَطَرْتُهُ أي أَلْقَيْتُهُ على قطره فَتَقَطَّرَ أي وقع عليه قال :
٤٠٧٦ - قَدْ عَلِمَتْ سَلْمَى وَجَاراتُها | مَا قَطَّرَ الفَارِسَ إِلاَّ أَنَا |
قوله :« ثُمَّ سُئِلُوا » قرأ مجاهد « سُويِلُوا » بواو ساكنة ثم ياء مكسورة « كقُوتِلُوا ». حتى أبو زيد : هما يَتَسَاوَلاَن بالواو، والحسن : سُولُوا بواو ساكنة فقط فاحتملت وجهين :
أحدهما : أن يكون أصلها : سيلوا كالعامة، ثم خففت الكسرة فسكنت كقولهم في ضَرب - بالكسر - ضرب بالسكون فسكنت الهمزة بعد ضمة فقلبت واواً نحو : بُوسٍ في بُؤْسٍ.
والثاني : أن يكون من لغة الواو، ونقل عن أبي عمرو أنه قرأ سِيلُوا بياء ساكنة بعد كسرة نحو : قِيلوا.
قوله :« لأتَوْهَا » قرأ نافعٌ وابنُ كثير بالقصرب بمعنى لَجَاؤُوهَا وغَشوهَا، والباقون بالمد بمعنى لأعطوها ومفعوله الثاني محذوف تقديره : لآتوها السائلين. والمعنى ولو دخلت البيوت أو المدينة من دميع نواحيها ثم سئل أهلها الفتنة لم يمتنعوا من إعطائها، وقراءة المد يستلزم قراءة القصر من غير عكس بهذا المعنى الخاص.
قوله :« إِلاَّ يَسيراً » أي إلا تَلَبُّثاً أو إلا زماناً يسيراً. وكذلك قوله :﴿ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ [ الأحزاب : ١٦ - ١٨ ] أي إلا تَمَتُّعاً أو إلا زمانا قليلاً.
فصل
دلت الآية على أن ذلك الفرار والرجوع ليس لحفظ البيوت لأن من يفعل فعلاً لغرض فإذا فاته الغرض لا يفعله فقال تعالى هم قالوا بأن رجوعنا عنك لحفظ بيوتنا ولو دخلها الأحزاب وأخذوها منهم لرجعوا أيضاً فليس رجوعهم عنك إلا بسبب كفرهم وحبهم الفتنة وهي الشرك، ﴿ مّوَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ ﴾ أي ام تلبثوا بالمدينة أو البيوت « إلاَّ يَسِيراً » وأن المؤمنين يُخْرِجُونَهُمْ قاله الحسن، وقيل : ما تلبثوا أي ما احْتَبَسُوا عن الفتنة - وهي الشرك - إلا يسيراً ولأسرعوا للإجابة إلى الشرك طيّبةً به أنفُسُهم وهذا قول أكثر المفسِّرين.
قوله :﴿ وَلَقَدْ كَانُواْ عَاهَدُواْ الله مِن قَبْلُ ﴾ أي من قبل غزوة الخندق ﴿ لاَ يُوَلُّونَ الأدبار ﴾ عدوهم أي لا ينهزمون قال يزيد بن رومان : هم بنو حارثة هموا يوم الخندق أن يَقْتَتِلُوا مع بني سلمة، فلما نزل فيهم ما نزل عاهدوا الله أن لا يعودوا لمثلها، وقال قتادة : هم ناس كانوا قد غابوا عن واقعة بدر ورأوا ما أعطى الله أهل بدر من الكرامة والفضيلة وقالوا لئن أَشْهَدَنَا اللَّهُ قتالاً لَنُقَاتِلَنَّ فساق الله إليهم ذلك وقال مقالت والكلبي :