قوله :﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ ﴾ نزلت الآية في زينبَ بنت جحش الأسدية، وأخيها عبد الله بن جحش وأمها أميمة بنت عبد المطلب عمة النبي - ﷺ - اشترى زيداً في الجاهلية بعُكَاظَ، فأعتقه وتبناه، فلما خطب رسول الله - ﷺ - زينت رضيت وظنت أنه يخاطبها لنفسه فلام علمت أنه يخطبها لزيد أبت وقال : أنا ابن عمتك يا رسول الله فلا أرضاه لنفسي وكانت بيضاءَ جميلةً فيها حدة وكذلك كره أخوها ذلك فانزل الله تعالى :﴿ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة ﴾ يعني عبد الله بن جحش وأخته زينت ﴿ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْراً ﴾ وهو نكاح زيدٍ لزينبَ ﴿ أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيرة مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾. والخيرة الاختيار أي يريد غير ما أراد الله ويمتنع مما أمرالله ورسوله.
قوله :﴿ أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيرة ﴾ أن يكون « هو اسم كان، والخبر الجار متقدم وقوله :﴿ إِذَا قَضَى الله ﴾ يجوز أن يكون محْض ظرف معموله الاستقرار الذي تعلق به الخبر، أي وما كان مستقراً لمؤمن ولا مؤمنةٍ وقت قضاء الله كَوْنُ خيرة وأن تكون شرطية ويكون جوابها مقدراً مدلولاً عليه بالنفي المتقدم. وقرأ الكوفيون وهِشَامٌ » يكون « - بالياء من أسفل؛ لأن » الخِيرَةَ « مجازيُّ التأنيث، وللفصل أيضاً، والباقون بالتاء من فوق مراعاةً للفظها، وقد تقدم أن » الخِيَرَةَ « مصدر » تَخَيَّرَ « » كالطَّيرِةِ « من » تَطَيَّرَ «، ونقل عيسى بن سُلَيْمَانَ أنه قرىء الخِيرَة - بسكون الياء - و » مِنْ أَمْرِهِمْ « حال من الخيرة، وقيل :» من « بمعنى » في « وجمع الضمير في » أمرهم « وما بعده لأن المراد بالمؤمن والمؤمنة الجنس. وغلب المذكر على المؤنث، وقال الزمخشري :» كان من حق الضمير أن يُوَحَّدَ كما تقول : مَا جَاءَنِي مِنْ رَجُلٍ وَلا امْرَأَةٍ إلاَّ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ كَذَا « قال أبو حيان :» وليس بصحيح؛ لأن العطف بالواو، فلا يجوز ذلك إلا بتأويل الحذف «.
قوله :﴿ وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً ﴾ أخْطَأَ خَطَأً ظَاهِراً. فلما سمعا ذلك رضيا بذلك وسلما وجعلت أمرها بيد رسول الله - ﷺ - إليها عَشْرَةَ دَنَانِيرٍ وستِّينَ دِرْهَماً وخِماراً ودِرْعاً وَإِزَاراً وملْحَفَةً وخَمْسِينَ مُدّاً مِن الطَّعَامِ وثلاثينَ صاعاً من تَمْرٍ.