قوله تعالى :﴿ وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ الناس أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ اعلم أنه تعالى أجاب هَهُنَا بوجْهٍ ثالث عن شُبْهَتِهِمْ بتفضيل الغني على الفقير، وهو أنه تعالى بين أن منافع الدنيا وطيباتها حقير خسيسة عند الله تعالى وبين حقارتها بقوله :﴿ ولولا أن يكون الناس أمة واحدة ﴾ والمعنى لولا أن يرغب الناس في الكفر إذا رأوا الكفار في سعة من الخير والرزق لأعطيتهم أكثر الأسباب المفيدة للنعم فأحدها : أني كون سقْفُهُمْ مِنْ فِضَّةٍ. وثانيها : مَع : َارجَ عَلَيْهَا يَظْهِرُونَ أي يَعْلُون ويَرْتَقُونَ، يقال : ظَهَرْتُ عَلَى السَّطْحِ إذَا عَلَوْته.
وثالثها :« أن يجعل لبيوتهم أبواباً وسرراً أيضاً من فضة عليها يتَّكِئُونَ ».
قوله : لِبُيُوتِهِمْ « بدل اشتمال، بأعادة العاملة، واللامان للاخْتِصَاص.
وقال ابن عطية : الأولى للمِلْكِ، والثانية للاختصاص. ورده أبو حيان : بأن الثاني بدل فيشترط أ، يكون ( الحرف ) متحد المعنى لا مختلفة. وقال الزمخشري : ويجوز أن يكونا بمنزلة اللامين في قولك : وَهَبْتُ لَهُ ثَوْباً لِقَمِيصِهِ. قال أبو حيان : ولا أدري ما أراد بقوله. قال شهاب الدين : أراد بذلك أن اللامين للعلة، أي كانت الهبة لأجل لأجل قميصك، فلقميصك بدل اشتمال، بإعادة العامل بِعَيْنِهِ وقد نقل أن قوله :﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ ﴾ [ الأنعام : ٨٤ ] و [ الأنبياء : ٧٢ ] و [ العنكبوت : ٢٧ ] أنها للعلة.
قوله :»
سُقُناً « قرأ ابنُ كَثيرٍ، وأبو عمرو بفتح السين، وسكون القاف بالإفراد، على إرادة الجنس والباقون بضمتين على الجمع ( كرُهُن ) في جمع رَهْنٍ. وفي رهن تأويل لا يمكن هنا، وهو أن يكون جمع رِهَان جمع رَهْن، لأنه لم يسمع سِقَاف جمع سَقْف.
وعن الفراء أنه جمع سَقِيفَةٍ فيكون كصَحِيفَةٍ، وصُحُفٍ. وقرىء : سَقَفاً بفتحتين لغة في سَقْفٍ، وسُقُوفاً بزنة فَلسٍ وفُلُوساً. وأبو رجاء بضمة وسكون.
و »
مِنْ فِضَّةٍ « يجوز أن يتعلق بالجعل، وأن يتعلق بمحذوف صفة » لسُقفٍ «.
قوله :»
ومعارج « قرأ العامة مَعَارجَ جمع » مِعْرَج « وهو السلم وطلحة مَعَارِيح جمع مِعْرَاج وهو كمِفْتَاح لمِفْتَح، وَمَفَاتِيح لمِفْتَاحٍ.
قوله :»
وَسُرُراً « جمع » سرير « والعامة على ضم الراء؟ وقرىء بفتحها، وهي لغة بعض تميم وكَلْبٍ وقد تقدم أن » فعيلاً « المضعف يفتح عينه، إذا كان اسماً، أو صفة نحو : ثَوْبٌ جَدِيدٌ، وثِيَابٌ جُدَدٌ. وفيه كلام للنحاة. وهل قوله :» مِنْ فِضّةٍ « شالم للمعارج والأثواب والسُّرُر؟.
فقال الزمخشري : نعم، كأنه يرى تشريك المعطوف مع المعطوف عليه في قيوده. وَ :»
عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ « و » عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ « صفتان لما قبلهما.
قوله :»
وزُخْرُفاً « يجوز أن يكون منصوباً بجعل أي وجَعَلْنَا لَهُمْ زُخْرُفاً، وجوز الزمخشري أن ينصب عطفاً على محل » من فضة «، كأنه قيل : سُقُفاً من فضةٍ وذهب، فلما حذف الخافض انتصب أي بعضها كذا وبعضها كذا.


الصفحة التالية
Icon