وأن كانت تلك القدرة متعينة لأحد الطرفين فحينئذ يلزمك أوردجته علينا. قال ابن الخطيب : وليس الرجل من يرى ( وجه ) الاستدلال فيذكره إنما الرجل مَنْ ينظر فيما قبل الكلام وفيما بعده، فإن رآه وارداً على مذهبه بعينه لم يَذْكره.
قوله تعالى :﴿ وَنَادَوْاْ يامالك ﴾ العامة من غير ترخيم. وعَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وعبدُ الله بن وثَّاب والأعمشُ يَا مَالِ « مرخَّماً » على لغة ينتظر المحذوف. قيل لابن عباس : إن ابن مسعود قرأ « وَنَادَوْا يَا مَالِ » فقال : ما أشغلَ أهل النار بالترخيم، وأجيب عنه : بأنه إما حَسُنَ الترخيم لأنهم بلغوا من الضعف والنحافةِ إلى حيث لا يمكن أن يذكروا من الكلمة إلا بعضها. وقرأ أبو السَّرار الغَنَوِيُّ : يَا مَالُ مَبْنِيًّا على الضم على لغة من لا ينوي.

فصل


روي ابن عباس ( رضي الله عنهما ) أن أهل النار يدعون مالكاً خازن النار يقولون :﴿ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ﴾ لِيُمِتْنَا ربك فنستريح فيجيئهم مالك بعد ألف سنة « إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ » مقيمون في العذاب وعن عبدالله بن عمرو بن العاص يجيئهم بعد أربعين سنة وعن غيره مائة سنة.

فصل


اختلفوا في أن قولهم : يا مالك ليقضي علينا ربك على أي الوجوه طلبوه؟ فقال بعضهم : على التمني. وقال آخرون : على وجه الاستغاثة، وإلا فهم عالمون بأنه لا خلاص لهم من ذلك العقاب. وقيل : لا يبعد أن يقال : إنهم لشدة ما هم فيه نَسُوا تلك المسألة تذكرة على وجه الطلب. ثم إنه تعالى بين أن مالكاً يقول لهم :« إنكم ماكثون » وليس في القرآن متى أجابهم، هل أجابهم في الحال أو بعد ذلك بمدة؟ ثم إنه تعالى ذكر بعد ذلك ماهو كالعلة لذلك الجواب فقال :﴿ لَقَدْ جِئْنَاكُم بالحق ولكن أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ﴾ والمراد نُفْرَتُهُمْ عن محمد ﷺ وعن القرآن، وشدّة بغضهم لقبول الدين الحق.


الصفحة التالية
Icon