وليس في هذا عطف على معمولي عاملين البتة وقد وهم أبو البقاء فجعلها من ذلك فقال : آيات لقوم يوقنون بكسر الثانية وفيه وجهان :
أحدهما : أن « إن » مضمرة حذفت لدلالة « إن » الأولى عليها، وليست « آيات » معطوفة على آيات الأولى، لما فيه من العطف على معمولي عاملين.
والثاني : أن تكمون كررت للتأكيد، لأنها من لفظ « آيات » الأولى، وإعرابها كإعرابها كقولك : إنَّ بِثَوْبِكَ دَماً وَبِثَوْبِ زَيْدٍ دماً، فَدَم الثاني مكرر، لأنك مستغنٍ عن ذكره انتهى.
فقوله : وليست معطوفة على « آيات » الأولى لما فيه من العطف على معمولي عاملين وهمٌ أين معمول العامل الآخر؟ وكأنه توهم أن « في » ساقطة من قوله :﴿ وَفِي خَلْقِكُمْ ﴾ أو اختلطت عليه ﴿ آيات لقوم يعقلون ﴾ بهذه، لأن تِيكَ فيها ما يوهم العطف على عاملين. وقد ذكره هو أيضاً. وأما الرفع فمن وجهين أيضاً :
أحدهما : أن يكون « فِي خَلْقِكُمْ » خبراً مقدماً، و « آياتٌ » مبتدأ مؤخراً، وهي جملة معطوفة على جملة مؤكدة بإِن.
والثاني : أن تكون معطوفة على « آيات » الأولى اعتباراً بالمحل عند من يجيز ذلك، لا سيما عند من يقول : إنه يجوز ذلك بعد الخبر بإجماعل. وأما قوله :﴿ واختلاف الليل والنهار ﴾ فقد تقدم أنَّ الأخوين يقرآن آياتٍ بالكسر وهي تحتاج إلى إيضاح، فإن الناس تكلموا فيها كثيراً وخرّجوها على أوجه مختلفة، وبها استدل على جواز العطف على عاملين قال شهاب الدين : والعطف على عاملين لا يختص بقراءة الأخوين، بل يجوز أن يستدل عليه أيضاً بقراءة الباقين كما سنقف عليه إنْ شَاءَ الله تعالى فأما قراءة الأخوين ففيها أَوْجهُ :
أحدها : أن يكون « اخْتِلاَفُ اللَّيْلِ » مجروراً ب « في » مضمرةً، وإنما حذفت لتقدم ذكرها مرتين وحرف الجر إذا دلّ عليه دليل ( جاز حذفه وأيضاً عمله وأنشد الإمام الأستاذ سيبويه :)
٤٤٣٣ ألآن قَربَّتْ تهْجُونَا وتَشْتُمُنَا | فَاذْهَبْ فَمَا بِكَ وَالأَيَّامِ مِنْ عَجَبِ |
الثالث : أن يعطف « اخْتِلافِ » على المجرور بفي، وآيات على المنصوب بإن وبهذا هو العطف على عاملين، وتحقيقه على معمولي عاملين، وذلك أنك عطفت « اخْتِلاَفِ » على « خَلْقِ » وهو مجرور بفي فهو معمول عامل، وعطف « آياتِ » على اسم إنّ وهو معمول عامل آخر.