قوله :﴿ وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ... ﴾ الآية لما بين الآيات للكفار، وبين أنهم إذا لم يؤمنوا بها مع ظهورها فبأي حديث بعدها يؤمنون أتبعه بوعيد عظيم لهم فقال :﴿ وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ﴾ والأفاك الكذاب، والأثيم المُبَالغ في اقتراف الإثم، وهو أن يبقى مصراً على الإنكار، والاستكبار. قال المفسرون : يعني النَّظْر بن الحارث، والآية عامة في من كان موصوفاً بهذه الصفة.
قوله :« يَسْمَعُ » يجوز أ، يكون مستأنفاً، أي هو يسمع، أو دون إضمار « هو » وأن يكون حالاً من الضمير في « أثيم » وأن يكون صفة.
قوله :« تُتْلَى عَلَيْهِ » حال من « آيَاتِ اللهِ »، ولا يجيء فيه الخلاف وهو أنه يجوز أن يكون في محل نصب مفعولاً ثانياً؛ لأن شرط ذلك أن يقع بعدها ما لا يسمع نحو « سَمِعْتُ زَيْداً يَقْرَأ » أما إذا وقع بعدها ما يسمع، نحو : سَمِعْتُ قِرَاءَةَ زَيْدٍ يَتَرنَّمُ بِهَا فهي متعدية لواحد فقط، و « الآيات » مما يسمع.
قوله :« ثمَّ يُصِرُّ » قال الزمخشري : فإن قلتَ : ما معنى « ثم » في قوله :﴿ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً ﴾ قلتُ : كمعناه في قول القائل :
٤٤٣٩..................... | يَرَى غَمَرَاتِ الْمَوْتِ ثُمَّ يَزُورُهَا |
قوله :﴿ كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا ﴾ هذه الجملة يجوز أن تكون مستأنفةً، وأن يتكون حالاً، والأصل كأنه لم يسمعها، والضمير ضمير الشأن، ومحل الجملة النصب على الحال يَصِيرُ مِثْلَ غَيْرِ السَّامِع ثم قال :﴿ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾.
قوله :﴿ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئاً ﴾ العامة على فتح العين وكسر اللام خفيفة مبنياً للفاعل. وقتادةُ ومطر الوراق عُلِّم مبنياً للمفعول مشدداً.
قوله :( اتَّخَذَهَا ) الضمير المؤنث فيه وجهان :
أحدهما : أنه عائد على « آيَاتِنَا » يعني القرآن.
والثاني : أنه يعود على « شَيْءٍ » وإن كان مذكراً، لأنه بمعنى الآية كقول أبي العتاهية :
٤٤٤٠ نَفْسي بِشَيْءٍ مِن الدُّنْيَا مُعَلَّقَةٌ | اللهُ وَالْقَائِمُ المَهْدِيُّ يَقْضِيهَا |
فصل
المعنى ذلك الشيء هُزُؤٌ، إلا أنه تعالى قال : اتَّخَذَها للإشعار بأن هذا الرجل إذا أحسّ بشيء من الكلام أنه من جملة الآيات المنزلة على محمَّد ﷺ خاض في الاستهزاء بجميع الآيات، ولم يقتصر على الاستهزاء بذلك الواحد.