قوله :﴿ مَّثَلُ الجنة التي وُعِدَ المتقون ﴾ لما بين الفرق بين في الاهتداء والإضلال بين الفرق بينهما في مرجعهما ومآلهما.
قوله :« مثل الجنة » فيها أوجه :
أحدها : أنه مبتدأ وخبره مقدر، فقدره النضْرُ بنُ شُمَيْل : مثل الجنة ما يسمعون « فما يسمعون » خبر، و ﴿ فِيهَآ أَنْهَارٌ ﴾ مفسر له. وقدره سبيويه : فيما يتلى عليكم ثمل الجنة.
والجملة بعدها أيضاً مفسرة للمثل. قال سيبويه : المثل هو الوصف ومعناه وصف الجنة، وذلك لا يقتضي مشابهة.
الثاني : أن مثل زائدة تقديره : الجنَّةُ التي وعد المتقون فيها أنهار. ونظير زيادة مثل هنا زيادة « اسم » في قوله :
٤٤٦٧ إلَى الْحَوْلِ ثُمَ اسْمُ السَّلاَم عَلَيْكُمَا | ...................... |
الرابع : أن مثل الجنة مبتدأ خبره ﴿ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النار ﴾ فقدره ابن عطية : أمثل أهل الجنة كمن هو خالد ( في النار ) ( فقدر حرف الإنكار ومضافاً ليصحَّ.
وقدره الزمخشري أمثل الجنة كمن جزاؤه من هو خالد ) والجملة من قوله :﴿ فِيهَآ أَنْهَارٌ ﴾ على هذا فيها ثلاثة أوجه :
أحدها : هي حال من الجنة، أي مستقرة فيها أنهار.
الثاني : أنها خبر لمبتدأ مضمر، أي هي فيها أنهار، كأن قائلاً قال : ما فكيها؟ فقيل : فيها أنهار.
الثالث : أن تكون تكريراً للصلة، لأنها في حكمها، ألا ترى إلى أنه يصح قولك :
التي فيها أنهار.
وإنما أعري قوله مثل الجنة تصوير المكابرة من أن يسوّي بين المستمسك بالبينة وبين التابع هواه، كمن يسوّي بين الجنة التي صفتها كيت وكيت وبين النار التي صفتها أن يسقي أهلُها الحَمِيم. ونظيره قوله القائل رحمه الله :
٤٤٦٨ أَفْرَحُ أَنْ اُزْرَأَ الكِرَامَ وَأَنتْ | أُورثَ ذَوداً شَصَائِصاً نُبْلاً |
قوله :﴿ غَيْرِ آسِنٍ ﴾ قرأ ابن كثير : أًسِن بزنة حَذِرٍ، وهو اسم فاعل من أَسِنَ بالكسر يَأسنُ، فهو أَسِنٌ كَحَذر يحذر فهو حَذِر. الباقون آسِن بزنة ضَارِبٍ من : أَسَنَ بالفتح يأسن، يقال : أَسَنَ المَاءُ بالفتح يَأسِنُ ويَأسُنُ بالكسر والضم أُسُوناً. وكذا ذكره ثَعْلَبُ في فصيحة. فهما لغتان يقال : أسن الماء يأسن أسناً وأَجِن يَأجنُ، وأَسِنَ يَأسُنُ ويَأسِنُ، وأَجَن يَأجُنُ أُسُوناً وأُجُوناً. وقال اليَزِيدِيُّ يقال : أَسِنَ بالكسر يَأسَنُ بالفتح أَسَناً أي تغير طعمه، وأما أَسِنَ الرَّجُلُ إذا دخل بئراً فأصابه من ريحها ما جعل في رأسه دواراً فأَسِنَ بالكسر فقط قال الشاعر :