وهي صفة فنصبها على الحال، ولا نظير لها في الصفات ولا في المصادر، وإنما هي في الأسماء نحو : الجَرَبَّة للجماعة والشَّرَبَّة للمكان. قال الزمخشري : وما أخوفني أن تكون غلطة من الراوي على أبي عمرو، وأن يكون الصواب : بَغَتَةً بفتح الغين من غير تشديدٍ.

فصل


معنى الآية فمن أين لهم التَّذَكُّر والاتِّعاظ والتوبة إذا جاءتهم ذكراهم أي السّاعة نظيره :﴿ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإنسان وأنى لَهُ الذكرى ﴾ [ الفجر : ٢٣ ].
قوله :﴿ فاعلم أَنَّهُ لاَ إله إِلأ الله ﴾ وجه مناسبته لما قبله هو أنه تعالى لما قال فاعلم أنه لا إله إلا الله أي يأتي بالساعة كما قال :﴿ أَزِفَتِ الآزفة لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ الله كَاشِفَةٌ ﴾ [ النجم : ٥٧٥٨ ]. وقيل : فاعلم أنَّه لا إله إلا الله ينفعك، قيل الخطاب للنبي ﷺ والمراد غيره. وقيل : معناه فاثْبُتْ عليه. وقال الحُسَيْنُ بن الفضل : فازدَدْ علماً إلى علمك. وقال أبو العالية وابن عُيَيْنَةَ : معناه إذا جاءتهم الساعة فاعلم أنه لا مَلْجَأَ ولا مَفْزعَ عند قيامها إلا الله. ثم قال :« فَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ » أمرٌ بالاستغفار من أنه مغفور له لِتَسْتَنَّ به أمته. وقيل : معنى قوله لذنبك أي لذَنبِ أهل بيتك الذي ليسوا منك بأهل بيت. وقيل : المراد النبي؛ والذنب هو ترك الأفضل الذي هو بالنسبة إليه ذنب وحسناتُنا دون ذلك. قال ﷺ : إنّهُ لَيُعَانُ عَلَى قَلْبِ وَإنّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ.
قوله :﴿ وَلِلْمُؤْمِنِينَ والمؤمنات ﴾ هذا إكرام من الله تعالى لهذه الأمة حيث أمر نبيهم ﷺ أن يستغفر لذنوبهم ﴿ والله يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ﴾ قال ابن عباس والضحاك : متقلبكم : مُنْصَرَفَكُمْ ومنْشَرَكُمْ في أعمالكم في الدنيا « ومثواكم » مصيركم في الآخرة إلى الجنة أو إلى النار. وقال مقاتل وابن جرير : متقلبكم منصرفكم لأشغالكم بالنهار ومثواكم مأواكم إلى مضاجعكم بالليل. وقال عكرمة : متقلبكم في أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات ومثواكم ومقامكم في الأرض. وقال ابن كيسان : متقلبكم من ظهر إلى بطن ومثواكم مقامكم في القبور، وقيل : معناه أنه عالم بجميع أحوالكم فلا يخفى عليه شيء منها.
قوله :﴿ وَيَقُولُ الذين آمَنُواْ لَوْلاَ نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ ﴾ أي هلاَّ. ولا التفات إلَى قول بعضهم إنَّ « لاَ » زائدة. والأصل لو نزلت. والعامة على رفع محكمة لقيامها مقام الفاعل. وزَيْدُ بنُ عَلِيٍّ بالنصب فيهما على الحَالِ. والقائم مقام الفاعل ضمير السورة المتقدمة وسَوَّغ وقوعَ الحال كذا وَصْفُها كقولك : الرَّجُلُ جَاءَنِي رَجُلاً صَالِحاً وقرىْ : فَإذَا نَزَلَتْ سُورَةٌ. وقرأ زيدٌ بْنُ عَلِيٍّ وابنُ عُمَيْر « وَذَكَرَ » مبنياً للفاعل أي الله تعالى « القِتَالَ » نصباً.

فصل


المعنى ويقول الذين آمنوا حرصاً منهم على الجهاد هلا أنزلت سورة تأمرنا بالجِهاد.


الصفحة التالية
Icon