وقيل : مغانم هجر.
﴿ وَكَان الله عَزِيزا ﴾ كامل القدرة غنياً عن إعانتكم إياه « حَكِيماً » حيث جعل هلاك أعدائه على أيديهم ليثيبكم عليه، أو لأن في ذلك كان إعزاز قوم وإذلالَ لآخرين فقال : يُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ بِعِزَّتِهِ، ويعز من يشاء بِحِكْمَتِهِ.
قوله :﴿ وَعَدَكُمُ الله مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا ﴾ وهي الفتوح التي تفتح لهم إلىيوم ا لقيامة وليس المغانم كل الثواب، بل الجنة قُدَّامهم، وإنما هي عاجلة عَجَّلَ بها لهم، ولهذا قال :﴿ فَعَجَّلَ لَكُمْ هذه ﴾ يعني خيبر ﴿ وَكَفَّ أَيْدِيَ الناس عَنْكُمْ ﴾ وذلك أن النبي ﷺ لما قصد خَيْبَرَ وحَاصَرَ أهلها هَمَّ قبائلُ من أَسَدَ، وغَطَفَان، ِأن يُغِيرُوا على عِيَال المسلمين وذَرَارِيهِمْ بالمدينة فكف الله أيديهم بإلقاء الرعب في قلوبهم. وقيل : كف أيدي الناس عنكم يعني أهل مكة بالصلح، وليكون كفهم وسلامتكم آية للمؤمنين على صدقك، ويعلموا أن الله هو المتولِّي حياطتهم وحِرَاسَتَهُمْ في مشَهْدِهِمْ ومغيبهم.
قوله :« وَلتَكُونَ » يجوز فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يتعلق بفعل مقدر بعد تقديره : ولِتَكُونَ ( فعلك ) فعل ذلك.
الثاني : أنه معطوف على علة محذوفة تقديره : وَعَدَ فَعَجَّل وَكَفَّ لينتفعوا ولِيَكُونَ أو لتشكروا ولتكون.
الثالث : أن الواو مزيدة. والتعليل لما قبله أي وَكَفَّ لتكون.
قوله :﴿ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً ﴾ يثيبكم على الإسلام، ويزيدكم بَصيرَةً ويقيناً بصُلْح الحديبية وفتح خيبر، وذلك أن رسول الله ﷺ لما رجع من الحديبية أقام بالمدينة بقية ذي الحجة وبعض المُحَرَّم، ثم خرج في سَنَةِ سَبع إلىخيبر. روى أنسُ بن مالك ( رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ) أن النبي ﷺ كان إذا غزا بنا قوماً لم يكن بغير بنا حتى يُصْبِحَ وَيَنْظُرَ، فإن سمع أَذَاناً كفَّ عنهم، وإن لم يسمع أذاناً أغار عليهم، قال : فخرجنا إلى خَيْبَرَ، فانتهينا إليهم، فلما أصبح لم يسمع أذاناً ( ركب ) وركبتُ خلف أبِي طلحة، وإن قدمي لتمَسُّ قدم النبي ﷺ قال : فخرجوا إلينا بمكاتلهم ومَسَاحِيهم فلما رآهم رسول الله ﷺ قال : الله أكبر الله أكبر خَربتْ خَيْبَرُ، إنَّا إذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ. وروى إياسُ بْنُ سَلَمَةَ قال حدثني أبي قال : خرجنا إلى خيبر مع رسول الله ﷺ قال : فجعل عمي يَرْتَجِزُ بالقَوم :
٤٤٩٢ تَاللهِ لَوْلاَ اللهُ مَاأهْتَدَيْنَا... وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنضا... وَنَحْنُ مِنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا... فَثَبِّتِ الأَقَدْامَ إنْ لاَ قَيْنَا... وَأَنْزِلَننْ سَكِينَةً عَلَيْنَا... فقال رسول الله ﷺ مَنْ هَذَ؟ فقال : أنا عامر، قال : غَفَر الله لك ربك. وما استغفر رسول الله ﷺ لإنسان يَخُصُّه إلا استشهد.