قال : فنادى عمرُ بنُ الخَطَّاب رضي الله عنه وهُوَ على جمل له : يا نبيّ الله لولا مَتَّعْتَنَا بعامرٍ قال : فلما قدمنا خيبر خرج ملكهم مَرْجَبُ يخطر بسيفه يقول :
٤٤٩٣ قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ | شَاكِي السِّلاَح يَطَلٌ مُجَرِّبُ |
وروي فتح خيبر من طرق أُخَر في بعضها زيادات وفي بعضها نقصان عن بعض.
قوله :« وأخرى » يجوز فيها أوجه :
أحدها : أن تكون مرفوعة بالابتداء و ﴿ لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا ﴾ صفتها و ﴿ قَدْ أَحَاطَ الله بِهَا ﴾ خبرها.
الثاني : أن الخبر « منهم » محذوف مقدر قبلها، أي وَثَمَّ أخرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا.
الثالث : أن تكون منصوبة بفعل مضمر على شريطة التفسير، فتقدر بالفعل من معنى المتأخر وهو ﴿ قَدْ أَحَاطَ الله بِهَا ﴾ أي وقَضَى اللهُ أُخَْرَى.
( الرابع : أن تكمون منصوبة بفعل مضمر لا على شريطة التفسير، بل لِدَلاَلة السِّياقِ، أي ووَعَدَ أُخْرَى، أو وآتاكُمْ أخرى.
الخامس : أن تكون مجرورة ب « رُبَّ » مقدرة، ويكون الواو واو « رب » ذكره الزمخشري. وفي المجرور بعد الواو المذكورة خلاف مشهور أهنو برُبَّ مضمرة أم بنفس الواو؟ إلا أبا حيان قال : ولم تأت « رُبَّ » جارة في القرآن على كَثْرة دورها، يعني جارة لفظاً وإلا تقدر. قيل : إنها جارة تقديراً هنا وفي قوله :﴿ رُّبَمَا ﴾ [ الحجر : ٢ ] على قولنا : إنّ ما نكرة موصوفةٌ ).
قوله :﴿ قَدْ أَحَاطَ الله بِهَا ﴾ يجوز أن يكون خبراً ل « أُخْرَى » كما تقدم، أو صفة ثانية إذَا قِيلَ بأن أخرى مبتدأ وخبرها مضمر أو حالاً أيضاَ.
فصل
قال المفسرون : معناه أي وعدكم فتح بلدة أخرى لم تقِدروا عليها قد أحاط الله بها حتى يفتحها لكم كأنه حفظها لكم، ومنعها من غيركم حتى تأخذوها. قال ابن عباس ( رضي الله عنهما ) علم الله أنه يفتحها لكم. قال ابن الخطيب : تقديره : وعدكم الله مغانم تأخذونها، ومغانم لا تأخذونها أنتم ولا تقدرون عليها، وإنما يأخذها من يجيء بعدكم من المؤمنين. وهذا تفسير الفراء. قال : معنى قوله :﴿ قَدْ أَحَاطَ الله بِهَا ﴾ أي حفظها لمؤمنيني، لا يجري عليها هلاك وفناء إلى أن يأخذها المسلمون كإحاطة الحُرَّاسِ بالخَزَائِنِ.
واختلفوا فيها فقال ابنُ عباس والحسن ومقاتل : هي فارس والرومُ، وما كانت العرب تقدر على قتال فارس والروم، بل كانوا حولاً لهم حتى قدروا عليها الإسلام.