الثاني : أنه حال من الضمير في « مَثَلُهُمْ » أي مُمَاثِلِينَ زَرْعاً هذِهِ صفَتُهُ.
الثالث : أنها نعت مصدر محذوف أي تمثيلاً كزرعٍ. ذكره أبو البقاء.
وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون « ذلك » إشارة مبهمةً أوضحت بقوله :« كزرع »، كقوله تعالى :﴿ وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ الأمر أَنَّ دَابِرَ ﴾ [ الحجر : ٦٦ ].
قوله :﴿ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ﴾ صفة ل « زَرْع ». وقرأ ابنُ ذَكوَان بفتح الطاء والباقون بإسكانها. وهما لغتان كالنَّهْر والنَّهَر. وقرأ أبو حَيْوة : شَطَاءَهُ بالمد. وزيد بن على : شَطَاهُ بألف صريحة بعد الطاء فيحتمل أن تكون بدلاً من الهمزة بعد نقل حركتها إلى الساكن قبلها على لغة من يقول : المِرَاةُ والكَمَاةُ بعد النقل. وهو مقيسٌ عند الكوفيين. ويحتمل أن يكون مقصوراً من الممدود. وأبو جعفر ونافع في رواية « شَطَهُ » بالنقل والحذف. وهو القياس. والجَحْدَريُّ شَطْوَهُ أبدل الهمزة واواً، أو يكون لغة مستقلة. وهذه كلها لغات في فِرَاخ الزرع، يقال : شَطَا الزرعُ وأَشْطَأ أي أخْرَجَ فِرَاخَهُ. وهل يختص ذلك بالحِنْطَةِ فقط أو بها وبالشعير فقط أو لا يختص خلافٌ مشهور. قال الشاعر :

٤٤٩٩ أَخْرَجَ الشَّطْءَ عَلَى وَجْهِ الثَّرَى وَمِنَ الأَشْجَارِ أفنانُ الثَّمَرْ
قوله :« فآزَرَهُ » العامة على المد وهون على « أَفْعَلَ ». وَغَلَّطوا من قال : إنه فاعل كَجَاهَرَ وغَيْرِه بأنه لم يسمع في مضارعه : يُؤَازِرُ على يؤزر. وقرأ ذكوان : فَأَزَرَه مَقصُوراً، جعله ثلاثياً. وقرىء « فأزَّرَهُ » بالتشديد. والمعنى في الكل : قوّاه. وقيل : ساواه، وأنشد :
٤٥٠٠ بِمَحْنِيَةٍ قَدْ آزَرَ الضَّال نَبْتُهَا مَجَرَّ جُيُوشٍ غَانِمِينَ وَخُيَّبِ
قوله :« عَلَى سُوقِهِ » متعلق ب « اسْتَوَى ». بالهمزة الساكنة. كقوله :
٤٥٠١ أَحَبُّ المُؤْقِدِينَ إلَيَّ مُؤْسَى ...........................
بهمزة مضمومة بعندها واو كعروج وتوجيه ذلك. والسُّوق جمع سَاقٍ.
( « فصل ».
قال المفسرون : يقال : أشطأ الزرع فهو مُشْطِىء إذا خَرَجَ. قال مقاتل : هو نبت واحد فإذا خرج بعده فهو شطء. وقال السُّديّ : هو أن يخرج معه الطاقة الأخرى « فَآزَرَهُ » قَوَّاهُ وأَعَانَهُ وشدَّ أزره « فَاسْتَغْلَظَ » غَلُظَ ذلك الزرع « فَاسْتَوَى » تَمَّ وَتَلاَحَقَ نَبَاتُهُ عَلَى سُوقِهِ أصوله :« يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ » أي أعجب ذلك زُرَّاعَهُ هذ مثل ضربهُ الله لأصحاب محمد ﷺ في الإنجيل أنهم يكونوا قَليلاً ثم يَزْدَادُونَ وَكْثُرُونَ. قال قتادة : مَثَلُ أصحاب محمد ﷺ في الإنجيل مكتوب له سيخرج قومٌ يَنْبتُونَ نبات الزرع يأمُرون بالمعروف وينهوْن عن المنكر. وقيل : الزرع محمد ﷺ والشطء أصحابه والمؤمنون. روى مبارك بن فُضَالة عن الحَسَن قال : محمد رسول الله والذين معه : أبو بكر الصديق ﴿ أَشِدَّآءُ عَلَى الكفار ﴾ عمر بن الخطاب ﴿ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ ﴾ عثمان بن عفان ﴿ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً ﴾ على بان أبي طالب « يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ رَبِّهِمْ » العشرة المبشرن « كَمَثَلِ زَرْعٍ » محمد ﴿ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ﴾ أبو بكر ﴿ فَآزَرَهُ فاستغلظ ﴾ عثمان ( بن عفان ) يعني استغلظ عثمان بالإسلام ﴿ فاستوى على سُوقِهِ ﴾ علي بن أبي طالب استقام الإسلام بسيفه ﴿ يُعْجِبُ الزراع ﴾ قال : المؤمنون ﴿ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكفار ﴾ فعل عمر لأهل مكة بعدما أسلم لا يُعبد الله سرًّا بعد اليوم.


الصفحة التالية
Icon