قوله :﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ ﴾ قد تقدم الكلام على قوله :« إنَّا نَحْنُ » في سورة يس. وأما قوله « نُحْيِِي ونُمِيْتُ » فالمراد من الإحياء الإحياء أولاً، وقوله :« وَنُمِيتُ » إشارة إلى الموتة الأولى و « إلَيْنَا المَصِيرُ » بيان للحشر. وهذا إشارة إلى قدرته على الحشر.
قوله :« يَوْمَ تَشَقَّق » يجوز أن يكون بدلاً من « يَوْم » قبله. وقال أبو البقاء : إنه بدل من « يَوْم » الأَوَّل. وفيه نظر من حيث تعدد البدل والمبدل منه واحدٌ. وقد تقدم أنَّ الزَّمخشريَّ مَنَعَهُ.
ويجوز أن يكون « الْيَوْمَ » ظرفاً للمَصِيرِ أي يصيرون إلينا يوم تَشَقَّقُ الأَرْض. وقيل ظرف للخروج. وقيل منصوب ب « يَخْرجُونَ » مقدراً.
وتقدم في الخلاف في « تَشَقَّقُ » في الفُرْقَان.
وقرأ زيد بن علي :« تتشقّق » بفك الإدْغَام.
قوله :« سِرَاعاً » حال من الضمير في « عَنْهُمْ » والعامل فيها « تَشَقَّقُ ».
وقيل : عاملها هو العاقل في « يَوْمَ تَشَقَّقُ » المقدّر أي يَخْرُجُون سراعاً يو تشقق؛ لأن قوله تعالى :﴿ عَنْهُمْ ﴾ يفيد كونهم مفعولين بالتشقق، فكأن التشقق عُدِّي بحرف الجر، كما يقال :« كَشَفْتُ عَنْهُ فَهُوَ مَكْشُوفٌ »، فيصير « سراعاً » هيئة المفعول كأنه قال : مُسْرِعِينَ.
والسراع جمع سريع، كالكِرَام جمع كَرِيم. وقوله :« ذَلِكَ » يحتمل أن يكون إشارة إلى التَّشقُّق عَنْهُمْ وإشارة إلى الإخراج المدلول عليه بقوله :« سِرَاعاً »، ويحتمل أن يكون معناه ذلك الحشر حشر يسير. والحَشْر الجمع.
قوله :« عَلَيْنَا » متعلق ب « يَسِيرٌ » ففصل بمعمول الصّفة بينها وبين موصوفها. ولا يضرّ ذلك. ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه حال منه؛ لأنه في الأصل يجوز أن يكون نعتاً.
وقال الزمخشري : التقديم للاختصاص، أي لا يَتيَسَّر ذلك إلا على الله وحده أي هو علينا هيِّن لا على غيرنا وهو إعادة جواب لهم.
قوله تعالى :﴿ نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ﴾ يعني كفار مكة في تكذيبك، وهذا تسلية للنبي - ﷺ - ويحتمل أن يكون تهديداً وتخويفاً لأن قوله :« وَإلَيْنَا الْمَصِيرُ » ظاهر في التهديد، وبالعلم يكمل. ونظيره قوله تعالى :﴿ ثُمَّ إلى رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور ﴾ [ الزمر : ٧ ].
ويحتمل أن يكون تقريراً لأمر الحشر بالعلم؛ لأنه لما بين أن الحشر يسير لكمال قدرته ونفوذ إرادته، ولكن تمام ذلك بالعلم الشامل حتى يتبين جزء زيد وجزء بدن عمرو، فقال :﴿ ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ﴾ لكمال قدرتنا، ولا يخفى عَليْنا الأجْزاء لكمال علمنا.
وقوله :« أَعْلَمُ » إما ليست للمشاركة في أصل الفعل كقوله :


الصفحة التالية
Icon