فإن قيل : لَو قيل : مالهم للسائل كان أبلغ!
فالجواب : لا نسلم، فإن صرف جميع المال حتى يبقى فقيراً محتاجاً منهيٌّ عنه، وكذلك الصلاة والصوم الاقتصاد فيهما أبلغ لقوله :- ﷺ - :« إنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ، فَادْخُلُوا فِيهِ بِرفقٍ؛ فَإنَّ المُنْبَتَّ لاَ أَرْضاً قَطَعَ وَلاَ ظَهْراً أَبْقَى ».
فصل
في السائل والمحروم وجوه :
أحدها : أن السائل هو الآدمي، والمحروم كل ذي روح غيره من الحيوانات المحترمة، قال - ﷺ - :« فِي كُلّ كَبِدٍ حَرَّى أَجْرٌ » وهذا ترتيب حسن؛ لأن الآدمي يُقدَّمُ على البهائم.
الثاني : أن السائل هو الذي يَسْأَل، والمَحْرُوم هو المتعفّف يظن أنه غنيٌّ فيُحْرَمُ. وقدَّمَ السائلَ؛ لأن حاله يعرف بسؤاله، أو يكون إشارة إلى كثرة العَطَاء فيعطي السؤّال، فإذا لم يجدهم يسأل عن المحتاجين فيكون سائلاً ومسؤولاً.
الثالث : قدم السائل؛ لتجانس رُؤُوس الآي.
فصل
قال ابنُ عباس وسعيدُ بن المُسيّب : السّائل الذي يسأل الناس، والمحروم الذي ليس له في الغنائم سهمٌ ولا يُجْرَى عليه من الفَيء شَيءٌ. وقال قتادة والزُّهْري : المحروم المتعفّف الذي لا يسأل. وقال زيد بن أسلم : هو المصاب ثمره أو زرعه أو تشَلُّ ماشيتُه، وهو قول مُحَمّد بن كَعْب القُرَظيِّ. قال : المحروم صاحب الحاجة، ثم قرأ :﴿ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ﴾ [ الواقعة : ٦٦ - ٦٧ ].