٤٥٨٢- حَتَّى اسْتَمَرَّتْ عَلَى شَزْرٍ مَرِيرَتُهُ | صِدْقُ الْعَزِيمَةِ لاَ رَتًّا وَلاَ ضَرَعا |
قال أبو حيان : ومعنى مستمر أي يشبه بعضه بعضاً أي اشتهرت أفعاله على هذا الحال. وهذا راجع إلى الدوام المتقدم. وأتى بهذه الجملة الشرطية تنبيهاً على أن حالهم في المستقبل كحالهم في الماضي.
وقرىء : يُرَوْا مبنيًّا للمفعول من أَرَى.
قوله :﴿ وَكَذَّبُواْ واتبعوا أَهْوَآءَهُمْ ﴾ أي كذبوا النبي - ﷺ - وما عاينوه من قدرة الله عزّ وجلّ، واتبعوا ما زين لهم الشيطان من الباطل وكذبوا بالآية وهي انشقاق القمر، « وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ » في أنه سحر القمر، وأنه خسوف في القمر، وظهور شيء في جانب آخر من الجو يشبه نصف القمر، وأنه سحر أعيننا والقمر لم يصبه شيء، فهذه أهواؤهم.
قوله :﴿ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ ﴾ العامة على كسر القاف، ورفع الراء اسم فاعل، ورفعه خبراً « لكل » الواقع مبتدأ. وقرأ شيبة بفتح القاف وتروى عن نافع.
قال أبو حاتم : لا وجه لها، وقد وجهها غيره على حذف مضاف أي وكل أمر ذو استقرار، وزمان استقرار، أو مكان استقرار، فجاز أن يكون مصدراً، وأن يكون ظرفاً زمانياً أو مكانياً قال معناه الزمخشري. وقرأ أبو جعفر وزيد بن علي بكسر القاف وجر الراء. وفيها أوجه :
أحدها - ولم يذكر الزمخشري غيره - : أن تكون صفة لأَمْر، ويرتفع « كُلّ » حينئذ بالعطف على « الساعة » فيكون فاعلاً أي اقتربت الساعة وكل أمر مستقر.
قال أبو حيان : وهذا بعيد لوجود الفصل بجمل ثلاث، وبعيد أن يوجد مثل هذا التركيب في كلام العرب، نحو :« أَكَلْتُ خُبْزاً، وضَرَبْتُ خَالِداً » وأن يجيء : زيداً أكرمه ورحل إلى بني فلان ولحماً فيكون « ولحماً » معطوفاً على « خبزاً » بل لا يوجد مثله في كلام العرب. انتهى.
قال شهاب الدين : وإذا دل دليل على المعنى فلا يبالى بالفواصل، وأين فصاحة القرآن من هذا التركيب الذي ركبه هو حتى يقيسه عليه في المنع؟
الثاني : أن تكون « مستقراً » خبراً « لِكُلّ أَمْر ». وهو مرفوع، إلا أنه خُفِضَ على الجِوَارِ.