ثم قال :﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾ والكلام على نظيره قد تقدم في سورة آل عمران عند قوله :﴿ وَأَنَّ الله لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾ [ آل عمران : ١٨٢ ].
قوله ( تعالى ) :﴿ إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ الساعة ﴾ لما هدد الكفار بقووله :﴿ من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها ﴾ ومعناه أن جزاء كل أحد يصل إليه يوم القيامة، فكأن سائلاً قال : ومتى يكون ذلك اليوم؟ فقال تعالى : إنه لا سبيل للخلق إلى معرفة وقت ذلك اليوم ولا يعلمه إلا الله فقال : إليه يرد علم الساعة وهذه الكلمة تفيد الحصر، أي لا يعلم وقت الساعة بعينه إلا الله تعالى وكذلك العلم بحدوث الحوادث المستقبلة في أوقاتها المعينة ليس إلا عند الله، ثم ذكر من أمثلة هذا الباب مثالين :
أحدهما : قوله :﴿ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا ﴾.
والثاني : قوله :﴿ وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أنثى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ ﴾.
قوله :﴿ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ ﴾ ما هذه يجوز أن تكون نافية وهو الظاهر وأن تكون موصولة جوَّز ذلك أبو البقاء، ولم يبين وجهه، وبيانه أنها مجرورة المحمل عطف على الساعى أي ( علم الساعة ) وعلم التي تخرج، و « مِنْ ثَمَراتٍ » على هذا حال، أو تكون « مِن » للبيان، و « مِن » الثانية لابتداء الغاية. وأما الثانية فنافية فقط. قال أبو البقاء : لأنه عطف عليها « وَلاَ تَضَعُ » ثم نقض النفي بإلا ولو كانت مبعنى الذي معطوف على الساعة لم يَجُزْ ذلك.
وقرأ نافعٌ وابن عامر « ثَمَراتٍ » ويقويه أنها رُسِمَتْ بالتاء الممطوطة والباقون ثمرة بالإفراد، والمراد بها الجنس، فإن كانت « ما » نافية كانت « مِنْ » مزيدة في الفاعل، و إن كانت موصولة كانت للبيان كما تقدم. والأكمام جمع « كِمّ » بكسر الكاف؛ كذا ضبطه الزمخشري، وهو ما يغطي الثمرة كجُفِّ الطَّلع. و قال الراغب : الكُم ما يغطي اليد من القميس وما يغطي الثمرة وجمعه : أكمامٌ، وهذا يدل على أنه مضموم الكاف؛ إذ جعله مُشْتَرَكاً بين « كم » القميص، و « كم » الثمرة، ولا خلاف في « كُم » القميص بالضم فيجوز أن يكون في وعاء الثمرة لغتان، دون « كم » القميص جمعاً بين قوليهما. وأما أَكمَةٌ فواحدها « كِمامٌ » كأزمَّةٍ وزمامٍ.
قال أبو عبيدة : أكمامها أوعيتها وهي ما كانت فيه الثمرة و احدها كم وكمَّة. قال ابن عباس ( رضي الله عنهما ) : يعنى الكُفُرَّى قبل أن تنشقَّ. ﴿ وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أنثى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ ﴾ أي إليه يرد علم الساعة كما يرد إليه علم الثمار والنِّتاج.
قوله :﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِي ﴾ أي بحسب زعمكم واعتقادكم. ( و ) ابن كثير ياء شُركائي. ﴿ قالوا آذَنَّاكَ ﴾ قال ابن عباس ( رضي الله عنهما ) : أسمعناك، كقوله