وقرأ قتادة بكسرها وهو شاذ، نحو : حسب يحسب وأخواته وقد تقدمت آخر البقرة.
وقال الزمخشري : قرىء بفتح اللام وكسرها من ظَلَّ يظل ويظل، نحو : ظَلّْ يَضَلَ ويَضِلُّ. قال أبو حيان : وليس كما ذكر؛ لأن يضَلُّ بفتح العين من ظَلِلْت بكسرها في الماضي ويَضِلّ بالكسر من ضَلَلْتُ بالفتح وكلاهما مقيس يعني أن كلاً منهما له أصلٌ يرجع إليه بخلاف « ظَلَّ » فإن ماضيه مكسور العين فقط.
والنون أسمها، و « رَوَالكِدَ » خبرها ويجوز : أن يكون « ظل » هنا بمعنى صار؛ لأن المعنى ليس على وقت الظلول، وهو النهار فقط وهو نظير : أين باتت يده، من هذه الحيثية. والرُّكود والثُّبُوتُ الاستقرارُ قال :

٤٣٨٤ وَقَدْ رَكَدَتْ وَسْطَ السَّمَاءِ نُجُومُهَا رُكُوداً بِوَادِي الرَّبْرَب المُتَفَرِّقِ
والمعنى فيظللن رواكد أي ثوابت على ظهر البحر، لا تجري ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ ﴾ على بلا الله « شَكُورٍ » على نعمائه.
قوله : أوْ يُوبِقْهُنَّ « عطف على » يُسْكِنْ « قال الزمخشري : لأن المعنى : إن يَشَأْ يُسْكِنْ فَيَرْكُدْنَ، أو يَعْصِفْهَا فَيَغْرقْنَ بِعَصْفِهَا، قال أبو حيان : ولا يتعين أن يكون التقدير : أو يعصفها فيغرقن لأن إهلاك السفن لا يتعين أن يكون بعصف الريح، بل قد يهلكها بقلع لوح أو خسفٍ.
قال شهاب الدين : والزَّمخشريُّ لم يذكر أن ذلك متعين، وإنما ذكر شيئاً مناسباً؛ لأن قوله : يسكن الرياح يقابله »
يعصفها « فهو في غاية الحسن والطِّباق.

فصل


معنى »
يُبِقْهُنَّ « يُهْلِكْهُنَّ ويغرقهن » بِمَا كَسَبُوا « أي بما كسبت ركابها من الذنوب ﴿ وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ ﴾ من ذنوبهم فلا يعاقب عليها. يقال : أوْبَقَهُ أي أهلكه، كما يقال للمجرم : أوْبَقَتْهُ ذنوبه أي أهلكته.
فإن قيل : ما معنى إدخال العفو في حكم الإيباق حيث جعل مجزوماً مثله؟
فالجواب : معناه إن يشأ يهلك ناساً ينج ناساً على طريق العفو عنهم، وأما من قرأ »
ويعفو « فقد استأنف الكلام؟ والعامة على الجزم عطفاً على جواب الشرط. واستشكله القشيريُّ، وقال : لأن المعنى إن يشأ يسكن الريح فتبقى تلك السفن رواكداً ويهلكها بذنوب أهلها، فلا يحسن عطف :» وَيَعْفُ « على هذا لأن المعنى يصير : إن يشأ يعف، وليس المعنى على ذلك، بل المعنى الإخبار عن العفو من غير شرط المشيئة فهو عطف على المجزوم من حيث اللفظ لا من حيث المعنى. قال أبو حيان : وما قاله ليس يجيّد، إذ لم يفهم مدلول التركيب والمعنى إلا أنه تعالى إن يشأ أهلك ناساً وأنجى ناساً على طريق العفو عنهم. وقرأ الأعمش : ويعفو بالواو. وهي تحتمل أن تكومن كالمجزوم، وثبتت الواو في الجزم كثبوت الياء في » مَنْ يَتَّقِي وَيَصْبِرْ «.


الصفحة التالية
Icon