[ البقرة : ٣٨ ]، أجيبا بجواب واحد، وهما شرطان.
والمعنى : إن كان الأمر كما تقولون : إنه لا بعث، ولا حساب، ولا إله يجازي، فهلاَّ تردون نفس من يعزّ عليكم إذا بلغت الحلقوم؟ وإذا لم يمكنكم ذلك فاعلموا أن الأمر إلى غيركم وهو الله تعالى. قاله البغوي.
وقيل : حذف أحدهما لدلالة الآخر عليه.
وقيل : فيها تقديم وتأخير، مجازها :« فلولا وهلا إن كنتم غير مدينين ترجعونها تردّون نفس الميت إلى جسده إذا بلغت الحلقوم ».
ثم ذكر طبقات الخلق عند الموت وبين درجاتهم، فقال :﴿ فَأَمَّآ إِن كَانَ ﴾.
قد تقدَّم الكلام في « أمَّا » أول الكتاب.
وهنا أمر زائد، وهو وقوع شرط آخر بعدها.
واختلف النحاة في الجواب المذكور بعدها، هل هو ل « أما » أو ل « أن » وجواب الأخرى محذوف لدلالة المنطوق عليه والجواب لهما معاً؟ ثلاثة أقوال :
الأول : لسيبويه.
والثاني : للفارسي في أحد قوليه، وله قول آخر لسيبويه.
والثالث : للأخفش.
وهذا كما تقدم في الجواب بعد الشرطين المتواردين.
وقال مكي :« ومعنى » أما « عند أبي إسحاق الخروج من شيء إلى شيء، أي : دع ما كُنَّا فيه، وخذ في غيره ».
وعلى هذا فيكون الجواب ل « إن » فقط، لأن « أما » ليست شرطاً، ورجح بعضهم أن الجواب ل « أمَّا » لأن « إن » كثر حذف جوابها منفردة فادعاء ذلك مع شرط آخر أولى.
قوله :﴿ فَأَمَّآ إِن كَانَ ﴾.
الضمير في « كان » و « كان » و « كان » للمتوفى، لدلالة « فلَوْلاَ ترجعونها »، والمراد بالمقربين : السابقين لقوله تعالى ﴿ والسابقون السابقون أولئك المقربون ﴾ [ الواقعة : ١٠ ].
قوله :﴿ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ ﴾.
قرأ العامة :« فَرَوْحٌ » بفتح الراء.
وقرأ ابن عباس، وعائشة، والحسن، وقتادة، ونصر بن عاصم، والجحدري ورويس وزيد عن يعقوب وجماعة : بضم الراء.
وتروى عن النبي ﷺ.
فمن قرأ بالفتح، فمعناه : فله روح، وهو الرَّاحة. وهو قول مجاهد.
وقال سعيد بن جبير : فرج.
وقال الضحاك : مغفرة ورحمة « وريحان » : استراحة.
وقال مجاهد وسعيد بن جبير : رزق.
قال مقاتل :[ هو الرزق بلغة ] « حِمْير ». يقال : خرجنا نطلب ريحان الله، أي : رِزْقَه.
وقيل : هو الريحان الذي يشم.
قال أبو العالية : لا يفارق أحد من المقربين الدنيا حتى يُؤتى بغُصْنٍ من ريحان الجنة فيشمه ثم تقبض روحه.
وقال أبو بكر الورَّاق : الرَّوح : النَّجاة من النار والرَّيحان : دخول دار القرار.
وقد تقدَّم الكلام على « رَيْحَان » وكيفية تعريفه في السورة قبلها.
وقوله :« فَرَوْحٌ » مبتدأ، خبره مقدر قبله، أي : فله روح، ويجوز أن يقدر بعده لاعتماده على فاء الجزاء.
قوله :﴿ وأما إن كان من أصحاب اليمين، فسلامٌ لك من أصحاب اليمين ﴾.


الصفحة التالية
Icon