قال الشيخ عبد القاهر : المعنى يتفاوت بالرفع والنصب، فمع الرفع يفيد أنه لم يفعل شيئاً من الأشياء، ومع النَّصْب يفيد أنه يفعل المجموع، ولا يلزم أنه لم يفعل البعض، بل إن قلنا بدليل الخطاب دل على أنه فعل البعض.
والثاني : أن يكون « كلّ » خبر مبتدأ محذوف، و ﴿ وعد الله الحسنى ﴾ صفة لما قبله، والعائد محذوف، أي :« وأولئك كل وعد الله الحسنى ».
فإن قيل : الحذف موجود أيضاً فقد عدتم لما فررتم منه؟.
فالجواب : أن حذف العائد من الصفة كثير بخلاف حذفه من الخبر.
ومن حذفه من الصفة قوله :[ الوافر ]

٤٧١٨- ومَا أدْرِي أغَيَّرَهُمْ تَنَاءٍ وطُولُ العَهْدِ أمْ مَالٌ أصَابُوا
أي : أصابوه، ومثله كثير، وهي في مصاحف « الشام » مرسومة :« وكلّ » دون ألف فقد وافق كل مصحفه، و « الحسنى » مفعول ثان، والأول محذوف على قراءة الرفع.
وأمَّا النصب فالأول مقدّم على عامله.
ومعنى الآية : أن المتقدمين السَّابقين والمتأخرين اللاَّحقين وعدهم الله جميعاً الجنة مع تفاوت الدرجات.
﴿ والله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ أي : أنه لما وعد السَّابقين والمحسنين بالثواب فلا بد وأن يكون عالماً بالخيرات، وبجميع المعلُومات حتى يمكنه إيصال الثَّواب إلى المستحقين، إذ لو لم يكن عالماً بهم، وبأفعالهم على سبيل التفصيل لما أمكن الخروج من عهدة الوعد بالتَّمام، فلهذا السَّبب أتبع هذا الوعد بقوله :﴿ والله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾.


الصفحة التالية
Icon