والمعنى : يسعى كائناً بين أيديهم، وكائناً بأيمانهم.
وقيل : أراد بالنور : القرآن.
وعن ابن مسعود :« يؤتون نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يؤتى نوره كالنَّخلة ومنهم من يؤتى نوره كالرجل القائم، وأدناهم نوراً من نوره على إبهام رجله، فيطفأ مرة ويوقد أخرى ».
قال الحسن : ليَسْتَضيئُوا به على الصِّراط.
وقال مقاتل : ليكون لهم دليلاً إلى الجنَّة.
قوله :﴿ بُشْرَاكُمُ اليوم جَنَّاتٌ ﴾.
« بُشْرَاكم » مبتدأ، و « اليوم » ظرف، و « جنَّات » خبره على حذف مضاف أي : دخول جنَّات وهذه الجملة في محل نصب بقول مُقدَّر، وهو العامل في الظرف، يقال لهم : بُشراكم اليوم دخول جنَّات.
قال القرطبي :« ولا بُدَّ من تقدير حذف المضاف؛ لأن البُشْرَى حدث، والجنة عين، فلا تكون هي هي ».
وقال مكي : وأجاز الفراء نصب « جنَّات » على الحال، ويكون « اليوم » خبر « بشراكم » قال :« وكون » جنَّات « حالاً لا معنى له؛ إذ ليس فيها معنى فعل، وأجاز أن يكون » بُشْرَاكم « في موضع نصب على » يبشرونهم بالبُشْرَى «، وينصب » جنات « بالبشرى وكله بعيد، لأنه يفصل بين الصلة والموصول باليوم ». انتهى.
وعجيب من الفرَّاء كيف يصدر عنه ما لا يتعقّل، ولا يجوز صناعة، كيف تكون جنات حالاً، وماذا صاحب الحال؟.
وقوله :﴿ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ حال من الدخول المحذوف، التقدير : بشراكم اليوم دخول الجنة جنات تجري من تحتها الأنهار مقدرين الخلود فيها.
قال القرطبي :« ولا تكون الحال من » بشراكم « لأن فيه فصلاً بين الصلة والموصول، ويجوز أن تكون مما دلّ عليه البشرى كأنه قال : يبشرون خالدين فيها، ويجوز أن يكون الظَّرف الذي هو » اليوم « خبراً عن » بشراكم «، و » جنات « بدلاً من البشرى على تقدير حذف المضاف كما تقدم، و » خالدين « حال حسب ما تقدم ».
فصل في العامل في قوله :« خالدين »
قال شهاب الدِّين :« خالدين » نصب على الحال، والعامل فيها المضاف محذوف، إذ التقدير : بُشْرَاكم دخولكم جنات خالدين فيها، فحذف الفاعل وهو ضمير المخاطب، [ وأضيف المصدر لمفعوله، فصار دخول جنات ]، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف فيه مقامه في الإعراب، ولا يجوز أن يكون « بشراكم » هو العامل فيها؛ لأنه مصدر، وقد أخبر عنه قبل ذكر متعلقاته، فيلزم الفصل بأجنبي، وظاهر كلام مكي أنه عامل في الحال، فإنه قال :« خالدين » نصب على الحال من الكاف والميم، والعامل في الحال هو العامل في صاحبها فيلزم أن يكون « بشراكم » هو العامل، وفيه ما تقدم من الفصل بين المصدر ومعموله.