قوله :﴿ يُنَادُونَهُمْ ﴾ يجوز أن يكون حالاً من الضمير في « بينهم ». قاله أبو البقاء.
وهو ضعيف لمجيء الحال من المضاف إليه في غير المواضع المستثناة.
وأن تكون مستأنفة، وهو الظاهر.
وقوله :﴿ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ﴾ يجوز أن يكون تفسيراً للنداء، وأن يكون منصوباً بقول مقدّر.
فصل في معنى الآية
والمعنى : ينادي المنافقون المؤمنين ﴿ ألم نَكُنْ معكم ﴾ يعني : في الدنيا نصلّي مثل ما تصلّون، ونغزو مثل ما تَغْزُون، ونفعل مثل ما تفعلون؟.
« قالوا : بَلَى »، أي : يقول المؤمنون : بلى، قد كُنتم معنا في الظَّاهر، ﴿ ولكنكم فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ ﴾ أي : استعملتموها في الفتنة.
وقال مجاهد : أهلَكْتمُوهَا بالنِّفاق.
وقيل : بالمعاصي. قاله أبو سنان. وقال أبو نمير الهمداني : بالشهوات واللَّذَّات.
وقوله :« وتربّصتم » أي : بالنبي ﷺ الموت، وبالمؤمنين الدَّوائر.
وقيل : تربَّصتم بالتوبة.
« وارْتَبْتُمْ » أي : شككتم في التوحيد، أو النبوة، أو البعث.
« وغرَّتكم الأماني » أي : الأباطيل.
وقيل : طول الأمل، وهو ما كانوا يتمنّونه من ضعف المؤمنين، ونزول الدَّوائر بهم.
وقال قتادة : الأماني هنا خدعُ الشيطان.
وقيل : الدنيا، قاله عبد الله بن عباس.
وقال أبو سنان : هو قولهم :« سيغفر لنا ».
وقال بلال بن سَعْدٍ : ذكرك حسناتك، [ ونسيانك ] سيئاتك غِرَّةً ﴿ حتَّى جاء أمر الله ﴾ يعني : الموت.
وقيل : نُصْرة نبيه ﷺ.
وقال قتادة : إلقاؤهم في النَّار.
قوله :﴿ وَغَرَّكُم بالله الغرور ﴾.
قرأ العامة :« الغَرُور » بفتح الغين، وهو صفة على « فعول »، والمراد به : الشَّيْطان، أي : خدعكم بالله الشيطان.
وقرأ أبو حيوة، ومحمد بن السميفع، وسماك بن حَرْب :« الغُرُور » بالضم، وهو مصدر، والمراد به الأباطيل.
« عن ابن عباس أن النبي ﷺ خطَّ لنا خُطُوطاً، وخط منها خطًّا ناحية، فقال :» أتَدْرُونَ مَا هَذَا؟ هَذَا مِثْلُ ابْنِ آدَمَ ومِثْلُ التمنِّي، وتِلْكَ الخُطُوطُ الآمَالُ، بَيْنَمَا يتمنَّى إذْ جَاءَهُ المَوْتُ « ».
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال :« خطَّ لنا رسول الله ﷺ خطًّا مربَّعاً وخط في وسطه خطًّا، وجعله خارجاً منه، وخط عن يمينه ويساره خطوطاً صغاراً، فقال :» هَذَا ابْنُ آدَمَ وهَذَا أجَلُهُ يُحيطُ بِهِ، وهذا أمَلُهُ قَدْ جَاوَزَ أجَلَهُ، وهذه الخُطُوطُ الصِّغَارُ الأعْرَاضُ فإنْ أخْطَأهُ هذا نَهَشَهُ هذا « ».
قوله :« فَاليَوْمَ » منصوب ب « يؤخذ »، ولا يبالي ب « لا » النافية، وهو قول الجمهور وقد تقدم آخر « الفاتحة » ثلاثة أقوال. وقرأ ابن عامر :« تؤخذ » بالتأنيث للفظ الفدية.
والباقُون : بالياء من تحت؛ لأن التأنيث مجازي.