وقيل : نزلت في المؤمنين.
قال سعد : قيل : يا رسول الله، لو قصصت علينا؟ فنزل :﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القصص ﴾ [ يوسف : ٣ ] فقالوا بعد زمان : لو حدثتنا، فنزل قوله :﴿ الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الحديث ﴾ [ الزمر : ٢٣ ] فقالوا بعد مدة : لو ذكرتنا، فأنزل الله تعالى :﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمنوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ الله ﴾ الآية.
وقيل : هذا خطاب لمن آمن بموسى وعيسى دون محمد - عليهم الصلاة والسلام - لأنه قال عقيبه :﴿ والذين آمَنُواْ بالله وَرُسُلِهِ ﴾ [ الحديد : ١٩ ] أي : ألم يأن للذين آمنوا بالتوراة والإنجيل أن تلين قلوبهم للقرآن، وألاَّ يكونوا كمتقدمي قوم موسى وقوم عيسى؛ إذ طال عليهم الأمد بينهم وبين نبيهم، فقَسَتْ قلوبهم.
قوله :﴿ وَمَا نَزَلَ ﴾.
قرأ نافع وحفص :« نَزَل » مخففاً مبنيًّا للفاعل.
وباقي السبعة كذلك إلاَّ أنها مشددة.
والجحدري وأبو جعفر والأعمش وأبو عمرو في رواية :« ما نزّل » مشدداً مبنيًّا للمفعول.
وعبد الله :« أنْزَل » مبنيًّا للفاعل، وهو الله تعالى.
و « ما » في قراءة « ما نزل » مخففاً، يتعين أن تكون اسمية، ولا يجوز أن تكون مصدرية لئلا يخلو الفعل من الفاعل، وما عداها يجوز أن تكون مصدرية، وأن تكون بمعنى « الذي ».
فإن قلت : فقراءة الجحدري ومن معه ينبغي أن تكون فيها اسمية لئلاَّ يخلو الفعل من مرفوع؟ فالجواب : أن الجار وهو قوله :« من الحقّ » يقوم مقام الفاعل.

فصل في معنى الآية


قال ابن الخطيب : يحتمل أن يكون المراد بذكر الله، وما نزل من الحق هو القرآن؛ لأنه جامع للوصفين الذِّكر والموعظة، وأنه حق نازل من السماء، ويحتمل أن يكون المراد هو ذكر الله مطلقاً، و ﴿ ما نزل من الحقّ ﴾ هو القرآن، وإنما قدم الخشوع بالذكر على الخشوع بما نزل من القرآن؛ لأن الخشوع والخوف والخشية لا تحصل إلا عند ذكر الله تعالى، فأما حصولها عند سماع القرآن، فذلك لأجل اشتمال القرآن على ذكر الله.
قوله :﴿ وَلاَ يَكُونُواْ ﴾.
قرأ العامة : بالغيبة جرياً على ما تقدم.
وأبو حيوة، وابن أبي عبلة : ب « التاء » من فوق على سبيل الالتفات.
قال القرطبي : وهي رواية رويس عن يعقوب، وهي قراءة عيسى، وابن إسحاق.
ثم هذا يحتمل أن يكون منصوباً عطفاً على « يخشع » كما في قراءة الغيبة، وأن يكون نهياً، فتكون « لا » ناهية والفعل مجزوم بها.
ويجوز أن يكون نهياً في قراءة الغيبة أيضاً، ويكون ذلك انتقالاً إلى نهي أولئك المؤمنين عن كونهم مشبهين لمن تقدمهم نحو « لا يَقُمْ زيد ».
قوله :﴿ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمد ﴾.
قرأ العامة : بتخفيف الدال بمعنى الغاية، كقولك : أمد فلان، أي : غايته.


الصفحة التالية
Icon