وكذلك عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - جعله في يد علي - رضي الله عنه - يجريه على هذا المجرى، ورد هذا في آخر عهد عمر - رضي الله عنه - وقال : إن بنا غنًى وبالمسلمين إليه حاجة.
وكان عثمان - رضي الله عنه - يجريه كذلك، ثم عاد إلى علي - رضي الله عنه - فكان يجريه هذا المجرى، والأئمة الأربعة - رضي الله عنهم - اتَّفقوا على ذلك.
والقول الثاني : أن هذه الآية نزلت في بني النضير وقراهم، وليس للمسلمين يومئذ كثير خيل ولا ركاب، ولم يقطعوا إليها مسافة كبيرة، وإنما كانوا على ميلين من « المدينة »، فمشوا إليها مشاة، ولم يركب إلا رسول الله ﷺ فلما كانت المقاتلة قليلة، والخيل والركاب غير حاصل أجراه الله - تعالى - مجراه ما لم يحصل فيه المقاتلة أصلاً، فخص رسول الله ﷺ بتلك الأموال فروي أنه ﷺ قسمها بين المهاجرين، ولم يُعْطِ الأنصار شيئاً منها إلا ثلاثة نفرٍ كانت بهم حاجة : أبو دجانة، وسهل بن حنيف، والحرث بن الصمة.
قال بعض العلماء : لما ترك بنو النضير ديارهم وأموالهم طلب المسلمون أن يكون لهم منها حظ كالغنائم، فبين الله - تعالى - أنها فيءٌ، وكان قد جرى بعض القتال؛ لأنهم حوصروا أياماً، وقاتلوا وقتلوا، ثم صالحوا على الجلاء، ولم يكن قتالٌ على التحقيق، بل جرى مبادىء القتال، وجرى الحصار، فخص الله - تعالى - تلك الأموال برسول الله ﷺ.
وقال مجاهد رضي الله عنه : علمهم الله - تعالى - وذكرهم أنه إنما نصر رسوله ﷺ ونصرهم بغير كراع ولا عدة.
﴿ ولكن الله يسلط رسله على من يشاء من عباده ﴾ من أعدائه.
وفي هذا بيان أن تلك الأموال كانت خاصة لرسول الله ﷺ دون أصحابه - رضي الله عنهم -.


الصفحة التالية
Icon