قوله تعالى :﴿ وَمَآ أَفَآءَ الله ﴾.
قال الزمخشري :« لم يدخل العاطف على هذه الجملة؛ لأنها بيان للأولى، فهي منها غير أجنبية عنها ».
قال ابن عباس رضي الله عنهما : هي « قريظة » و « النضير »، وهما ب « المدينة » و « فدك » وهي على ثلاثة أميال من « المدينة » و « خيبر »، وقرى « عرينة » و « ينبع » جعلها الله - تعالى - لرسوله ﷺ وبين أن في ذلك المال الذي خصه الله - تعالى - لرسوله ﷺ سُهماناً لغير الرسول ﷺ تطييباً منه لعباده.
فصل في المراد بذي القربى
قال ابن الخطيب : أجمعوا على أن المراد بذي القربى بنو هاشم، وبنو المطلب.
وقال القرطبي : وقد تكلم العلماء في هذه الآية والتي قبلها على معناهما هل معناهما واحد أو مختلف، والآية التي في الأنفال؟.
فقال بعضهم : إن قوله تعالى :﴿ مَّآ أَفَآءَ الله على رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القرى ﴾ منسوخ بآية « الأنفال » من كون الخمس لمن سمي له، والأخماس الأربعة لمن قاتل، وكان في أول الإسلام تقسم الغنيمة على هذه الأصناف، ولا يكون لمن قاتل عليها شيء، وهذا قول يزيد بن رومان، وقتادة وغيرهما، ونحوه عن مالك رضي الله عنه.
وقال بعضهم : ما غنمتم بصُلْح من غير إيجاف خيل، ولا ركاب، فيكون لمن سمى الله تعالى فيه فيئاً، الأول للنبي ﷺ خاصة إذا أخذ منه حاجته كان الباقي في مصالح المسلمين.
وقال معمر رضي الله عنه : الأولى : للنبي ﷺ. والثانية : هي الجزية والخراج للأصناف المذكورة فيه. والثالثة : الغنيمة في سورة « الأنفال » للغانمين.
وقال الشافعي رضي الله عنه وبعض العلماء : إنَّ معنى الآيتين واحد، أي : ما حصل من أموال الكفار بغير قتال قسم على خمسة أسهمٍ، أربعة منها لرسول الله ﷺ ويقسم الخمس الباقي على خمسة أسهمٍ؛ سهم لرسول الله ﷺ أيضاً، وسهم لذوي القُرْبى، وهم بنو هاشم، وبنو المطلب؛ لأنهم منعوا الصدقة، فجعل لهم حق في الفيء. وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لأبناء السبيل.
وأما بعد وفاة الرسول ﷺ فالذي كان من الفيء لرسول الله ﷺ يصرف عند الشافعي - رضي الله عنه - في قول إلى المجاهدين المترصّدين للقتال في الثُّغُور؛ لأنهم القائمون مقام الرسول ﷺ.
وفي قول آخر : يصرف إلى مصالح المسلمين من سد الثُّغور، وحفر الأنهار، وبناء القناطر، يقدم الأهم فالأهم، وهذا في أربعة أخماس الفيء.