قوله تعالى :﴿ فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا فِي النار ﴾.
العامة على نصب « عَاقِبتَهُمَا » والاسم « أن » وما في حيزها، لأن الاسم أعرف من ﴿ عاقبتهما أنهما في النار ﴾. وقد تقدم تحرير هذا في « آل عمران » و « الأنعام ».
وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد وابن أرقم : برفعها، على جعلها اسماً، و « أن » وما في حيزها خبر كقراءة :﴿ ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ﴾ [ الأنعام : ٢٣ ].
قوله :﴿ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾.
العامة على نصبه، حالاً من الضمير المستكن في الجار لوقوعه خبراً.
والتثنية ظاهرة فيمن جعل الآية مخصوصة في الراهب والشيطان، ومن جعلها في الجنس فالمعنى فكان عاقبة الفريقين أو الصنفين.
قال مقاتل : يعني المنافقين واليهود.
ونصب « عَاقِبتَهُمَا » على أنه خبر « كان » والاسم ﴿ أَنَّهُمَا فِي النار ﴾.
وقرأ عبد الله، وزيد بن علي، والأعمش، وابن أبي عبلة : برفعه خبراً، والظرف ملغى، فيتعلق بالخبر، وعلى هذا فيكون تأكيداً لفظيًّا للحرف، وأعيد معه ضمير ما دخل عليه كقوله :﴿ فَفِي الجنة خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ [ هود : ١٠٨ ].
وهذا على مذهب سيبويه، فإنه يجيز إلغاء الظرف وإن أكد.
والكوفيون يمنعونه، وهذا حجة عليهم، وقد يجيبون بأنا لا نسلم أن الظرف في هذه القراءة ملغى بل نجعله خبراً ل « أن » و « خالدان » خبر ثان، وهو محتمل لما قالوا إلا أن الظاهر خلافه.
قال القرطبي : وهذه القراءة خلاف المرسوم.
وقوله :﴿ وَذَلِكَ جَزَآءُ الظالمين ﴾ أي : المشركين، كقوله :﴿ إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [ لقمان : ١٣ ].
قوله تعالى :﴿ ياأيها الذين آمَنُواْ اتقوا الله ﴾ في أوامره ونواهيه، وأداء فرائضه واجتناب معاصيه. ﴿ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ﴾ يعني يوم القيامة، والعرب تكني عن المستقبل بالغد.
وقيل : ذكر الغد تنبيهاً على أن الساعة قريبة؛ كقوله :[ الطويل ]
٤٧٥٤- وإنَّ غَداً للنَّاظرينَ قريبُ... وقال الحسن وقتادة : قرب الساعة حتى جعلت كغد؛ لأن كل آت قريب، والموت لا محالة آت. ومعنى « ما قدَّمتْ » أي : من خير أو شرّ.
ونكر النفس لاستقلال النفس التي تنظر فيما قدمت للآخرة، كأنه قال : فلتنظر نفس واحدة في ذلك، ونكر الغد، لتعظيمه وإبهام أمره، كأنه قيل : الغد لا يعرف كنهه لعظمه.
وقرأ العامة بسكون لام الأمر في قوله :« ولتنظر ».
وأبو حيوة ويحيى بن الحارث بكسرها على الأصل.
والحسن : بكسرها ونصب الفعل، جعلها لام « كي »، ويكون المعلل مقدّراً، أي : ولتنظر نفس حذركم وأعمالكم.
قوله تعالى :﴿ واتقوا الله ﴾ تأكيد.
وقيل : كرر لتغاير متعلق التقويين فمتعلق الأولى : أداء الفرائض لاقترانه بالعمل، والثانية : ترك المعاصي لاقترانه بالتهديد والوعيد، قال معناه الزمخشري.
ثم قال :﴿ إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾.
قال سعيد بن جبير :﴿ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ أي : بما يكون منكم.