يعني النَّخْل التي فاتت اليد.
قال ابن الخطيب : فيه وجوه :
أحدها : أنه « فعّال » من جبر، إذا أغنى الفقير وأصلح الكسير.
قال الأزهري :« هو لعمري جابرٌ لكل كسيرٍ وفقير، وهو جابر دينه الذي ارتضاه ».
قال العجاج - رحمه الله - :[ الرجز ]
٤٧٥٧- قَدْ جَبَرَ الدِّينَ الإلَهُ فَجَبَرْ... الثاني : أن يكون من جبره إذا أكرهه على ما أراده.
قال السديُّ : إنه هو الذي يقهر الناس، ويجبرهم على ما أراده.
قال الأزهري :« هي لغة » تميم «، وكثير من الحجازيين يقولونها ».
وكان الشافعي - رحمه الله - يقول : جبره السلطان على كذا، بغير ألف.
الثالث : قال ابن عباس رضي الله عنهما : الجبَّار هو الملك العظيم.
وقيل : الجبار الذي لا تُطاق سطوته.
قال الواحدي : هذا الذي ذكرنا من معاني الجبار في صفة الله تعالى، وأما معاني الجبار في صفة الخلق فلها معان :
أحدها : المُسَلَّط، كقوله :﴿ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ﴾ [ ق : ٤٥ ].
الثاني : العظيم الجسم، كقوله تعالى :﴿ إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ ﴾ [ المائدة : ٢٢ ].
والثالث : المتمرّد عن عبادة الله كقوله :﴿ وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً ﴾ [ مريم : ٣٢ ].
الرابع : القتال كقوله :﴿ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ﴾ [ الشعراء : ١٣٠ ] وقوله :﴿ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي الأرض ﴾ [ القصص : ١٩ ].
قوله :﴿ المتكبر ﴾.
قال ابن عباس : الذي تكبر بربوبيته فلا شيء مثله.
وقيل : المتكبر عن كل سوء، المتعظم عما لا يليق به من صفات الحدوث والذم.
وأصل الكبر والكبرياء الامتناع وقلّة الانقياد.
قال حميد بن ثور :[ الطويل ]

٤٧٥٨- عَفَتْ مِثْلَ مَا يَعْفُو الفَصِيلُ فأصْبَحَتْ بِهَا كِبْرِيَاءُ الصَّعْبِ وهي ذَلُولُ
قال الزجَّاج : وهو الذي تعظَّم عن ظلم عباده.
وقال ابن الأنباري :« المتكبر » ذو الكبرياء.
والكبرياء عند العرب الملك، قال تعالى :﴿ وَتَكُونَ لَكُمَا الكبريآء فِي الأرض ﴾ [ يونس : ٧٨ ] واعلم أن المتكبر في صفات الله مدح، وفي صفات المخلوقين ذم.
قال - ﷺ - يرويه عن ربه - تبارك وتعالى - أنه قال :« الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما قصمته ثم قذفته في النار ».
وقيل : المتكبر معناه العالي.
وقيل : الكبير، لأنه أجل من أن يتكلف كبراً.
وقد يقال : تظلّم بمعنى ظلم، وتشتّم بمعنى شتم، واستقر بمعنى قرّ، كذلك المتكبر بمعنى الكبير، وليس كما يوصف به المخلوق إذا وصف ب « تفعل » إذا نسب إلى ما لم يكن منه، ثم نزّه نفسه فقال :﴿ سُبْحَانَ الله عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾.
كأنه قال : إن المخلوقين قد يتكبرون، ويدّعون مشاركة الله في هذا الوصف، لكنه سبحانه منزَّهٌ عن التكبر الذي هو حاصل للخلق؛ لأنهم ناقصون بحسب ذواتهم، فادعاؤهم الكبر يكون ضم نقصان الكذب إلى النقصان الذاتي، وأما الله - سبحانه وتعالى - فله العلو والعزّ، فإذا أظهره كان ذلك ضمَّ كمال إلى كمال، فسبُحانَ اللَّهِ عمَّا يشركُون في إثبات صفة المتكبريَّة للخلق.


الصفحة التالية
Icon