وقيل : إن الكلام فيه تقديم وتأخير، والتقدير : لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء إن كنتم خرجتم مجاهدين في سبيلي.
وقيل : في الكلام حذف، والمعنى : إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي، وابتغاء مرضاتي [ فلا تلقوا إليهم بالمودة.
وقيل :﴿ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وابتغآء مَرْضَاتِي ﴾ ] شرط وجوابه مقدم، والمعنى : إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي فلا تتَّخذوا عدوي وعدوكم أولياء.
قال أبو حيان :﴿ إِن كُنتُم خَرَجْتُمْ ﴾ جوابه محذوف عند الجمهور لتقدم « لا تتخذوا » وتقدم، وهو « لا تتخذوا » عند الكوفيين ومن تابعهم.
قال الزمخشري : و ﴿ إن كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ ﴾ متعلق ب « لا تتخذوا » يعني : لا تتولوا أعدائي إن كنتم أوليائي، وقول النحويين في مثله : هو جواب شرط، جوابه محذوف لدلالة ما قبله عليه انتهى.
يريد : أنه متعلق به من حيث المعنى، وأما من حيث الإعراب، فكما قال جمهور النحويين.
قوله :﴿ جِهَاداً فِي سَبِيلِي ﴾ ﴿ وابتغآء مَرْضَاتِي ﴾ يجوز أن ينتصبا على المفعول له، أي : خرجتم لأجل هذين، أو على المصدر بفعل مقدر أي : تجاهدون وتبتغون، أو على أنهما في موضع الحال.
قوله :« تُسِرُّونَ ».
يجوز أن يكون مستأنفاً، ولم يذكر الزمخشري غيره.
ويجوز أن يكون حالاً ثانية مما انتصب عنه « تلقون » حالاً.
ويجوز أن يكون بدلاً من « تلقون ». قاله ابن عطية.
والأشبه أن يكون بدل اشتمال، لأن إلقاء المودة يكون سرًّا وجهراً، فأبدل منه هذا للبيان بأيّ نوع وقع الإلقاء.
قال القرطبي :« تُسِرُّونَ » بدل من « تُلْقُونَ » ومبين عنه، والأفعال تبدل من الأفعال كما قال تعالى :﴿ وَمَن يَفْعَلْ ذلك يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ العذاب ﴾ [ الفرقان : ٦٨، ٦٩ ].
وأنشد سيبويه :[ الطويل ]

٤٧٥٩ - مَتَى تَأتِنَا تُلْمِمْ بِنَا فِي دِيَارِنَا تَجِدْ حَطَباً جَزْلاً ونَاراً تَضرَّمَا
ويجوز أن يكون خبر مبتدأ مضمر، أي : أنتم تسرون. قاله ابن عطية.
ولا يخرج عن معنى الاستئناف.
وقال أبو البقاء :« هو توكيد ل » تلقون « بتكرير معناه ».
قال شهاب الدين :« وفيه نظر، لأن الإلقاء أعم من أن يكون سرًّا وجهراً ».
وتقدم الكلام على الباء في قوله :« بالمودَّة ».
قوله :﴿ وَأَنَاْ أَعْلَمُ ﴾.
هذه الجملة حال من فاعل « تُسِرُّونَ »، أي : وأيُّ طائلٍ لكم في إسراركم، وقد علمتم أن الإسرار والإعلان سيان في علمي.
و « أعْلَمُ »، يجوز أن يكون أفعل تفضيل، وهو الظاهر، أي : أنا أعلم من كل أحد بما يخفون، وما يعلنون.
وأن يكون فعلاً مضارعاً.
قاله ابن عطية، وعُدِّي بالباء، لأنك تقول : علمت بكذا، وعلمت كذا فتكون زائدة.
وقيل : وأنا أعلم من كل أحد كما يقال : فلان أعلم وأفضل من غيره.


الصفحة التالية
Icon