قاله الزمخشري.
أي : هذا الامتحان لكم، والله أعلم بإيمانهن، لأنه متولي السرائر، وسمَّى الظن الغالب في قوله :﴿ عَلِمْتُمُوهُنَّ ﴾ علماً لما بينهما من القرب كما يقع الظَّن موقعه، وتقدم ذلك في البقرة.
قوله :﴿ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ ﴾.
أي : بما يظهرن من الإيمان.
وقيل : أي : علمتموهن مؤمنات قبل الامتحان ﴿ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الكفار لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ ﴾ وقوله :﴿ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ﴾ تأكيد للأول لتلازمهما.
وقيل : أراد استمرار الحكم بينهم فيما يستقبل كما هو في الحال ما داموا مشركين وهن مؤمنات.
فصل في معنى الآية
معنى الآية : لم يحل الله مؤمنة لكافر، وهذا أول دليل على أنَّ الذي أوجب فرقة المسلمة من زوجها الكافر إسلامها لا هجرتها.
وقال أبو حنيفة : الذي فرق بينهما هو اختلاف الدَّارين.
والصحيح الأول؛ لأن الله - تعالى - بين العلّة، وهو عدم الحل بالإسلام لا باختلاف الدار.
قوله :﴿ وَآتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ ﴾.
أمر الله - تعالى - إذا أمسكت المرأة المسلمة أن يردّ على زوجها ما أنفق، وذلك من الوفاء بالعهدِ؛ لأنه لما منع من أهله بحرمة الإسلام أمر برد المال حتى لا يقع عليهم خسران من الوجهين : الزوجة والمال.
فصل في استحقاق الغرم بالمنع
ولا غرم إلا إذا طالب الزوج الكافر، فإذا حضر وطالب منعناها وغرمنا، فإن كانت ماتت قبل حضور الزوج لم نغرم المهر إذ لم يتحقق المنع، وإن كان المسمى خمراً وخنزيراً لم نغرم شيئاً؛ لانه لا قيمة له.
وللشافعي في هذه الآية قولان :
أحدهما : أن هذا منسوخ.
قال الشافعي : وإذا جاءتنا المرأة الحرة من أهل الهُدْنة مسلمة مهاجرة من الحرب إلى الإمام في دار الإسلام أو دار الحرب، فمن طلبها من ولي سوى زوجها منع منها بلا عوض، وإذا طلبها زوجها لنفسه أو غيره بوكالة، ففيه [ قولان ] :
أحدهما : أن يعطى [ زوجها ] العوض لهذه الآية.
والثاني : لا يعطى الزوج المشرك الذي جاءت امرأته مسلمة العوضَ، فإن شرط الإمام ردّ النساء كان الشرط باطلاً منسوخاً، وليس عليه عوض، لأنه لا عوض للباطل.
فصل
أمر الله تعالى برد مثل ما أنفقوا إلى الأزواج، وأن المخاطب بهذا الإمام، ينفذ من بيت المالِ الذي لا يتعين له مصرف.
وقال مقاتل : يرد المهر الذي يتزوجها من المسلمين، وليس لزوجها الكافر شيء.
وقال قتادة : الحكم في رد الصداق إنما هو في نساء أهل العهد فأما [ من ] لا عهد بينه وبين المسلمين، فلا يُرَدُّ عليهم الصداق.
قال القرطبي :« والأمر كما قال ».
قوله :﴿ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ ﴾. أي : في أن تنكحوهن.
وقوله :﴿ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ ﴾.
يدوز أن يكون ظرفاً محضاً، وأن يكون شرطاً، جوابه مقدَّر، أي : فلا جناح عليكم.