فصل في رد مهر من أسلمت


اختلفوا في رد مهر من أسلمت من النساء إلى أزواجهن، هل كان واجباً، أو مندوباً؟ وأصله أن الصلح هل كان قد وقع على رد النساء؟ على قولين :
أحدهما : أنه وقع على رد الرجال، والنساء جميعاً، لما روي من قولهم : لا يأتيك منا أحد، إلا رددته، ثم صار الحكم في رد النساء منسوخاً بقوله :﴿ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الكفار ﴾، فعلى هذا كان رد المهر واجباً.
والثاني : أن الصلح لم يقع على ردّ النساء؛ لأنه روي أنه لا يأتيك منَّا رجل، وإن كان على دينك إلا رددته، وذلك؛ لأن الرجل لا يخشى عليه من الفتنة في الرد ما يخشى على المرأة من إصابة المشرك إياها، وأنه لا يؤمن عليها الردة إذا خوفت، وأكرهت عليها؛ لضعف قلبها، وقلة هدايتها إلى المخرج منه، بإظهار كلمة الكفر مع التورية، وإضمار الإيمان، ولا يخشى ذلك على الرجل لقوته، وهدايته إلى التقية، فعلى هذا كان رد المهر مندوباً.
واختلفوا في أنه يجب به العمل اليوم في رد المال إذا اشترط في معاقدة الكفار فقال عطاء ومجاهد وقتادة : لا يجب، وزعموا أن الآية منسوخة.
وقيل : هي غير منسوخة، ويرد إليهم ما أنفقوا.

فصل في معنى الآية.


معنى الآية : إن لحقت امرأة مؤمنة بكفار أهل « مكة »، وليس بينكم وبينهم عهد، ولها زوج مسلم قبلكم، فغنمتم فأعطوا هذا الزَّوج المسلم مهره من الغنيمة قبل أن تخمس، [ وهو قول ابن عبَّاس رضي الله عنهما ].
وقال الزهري : يعطى من الفيء.
وعنه : يعطى من صداق من لحق منا.
وقيل : إن امتنعوا من أن يغرموا مهر هذه المرأة التي ذهبت إليهم، فانبذوا العهد إليهم حتى إذا ظفرتم، فخذوا ذلك منهم ﴿ واتقوا الله ﴾، أي : احذروا أن تتعدوا ما أمرتم به.


الصفحة التالية
Icon