وروى شهر بن حوشب عن أم سلمة « عن النبي ﷺ :﴿ ولا يَعْصِينكَ فِي مَعْرُوفٍ ﴾، قال :» هُوَ النَّوحُ «
وفي صحيح مسلم عن أمِّ عطيَّة :»
لما نزل قوله :« يُبَايِعْنَك »، إلى قوله :﴿ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ﴾، قالت : كان منه النياحة، قالت : فقلت : يا رسول الله، إلا آل بني فلان، فإنهم كانوا أسعدوني في الجاهلية، فلا بد لي من أن أسعدهم، فقال رسول الله ﷺ :« إلا آل بني فلان »
قوله :« يُبَايعْنكَ » : حال، و « شَيْئاً » : مصدر، أي شيئاً من الإشراك.
وقرأ علي والسلمي والحسن :« يُقَتِّلْنَ » بالتشديد.
و « يفترينه » : صفة ل « بهتان »، أو حال من فاعل :« يأتين ».

فصل


ذكر الله - تعالى - في هذه الآية لرسول الله ﷺ في صفة البيعة خصالاً شتى، صرح فيهن بأركان النهي في الدين، ولم يذكر أركان الأمر، وهي ستة أيضاً : الشهادة، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والاغتسال من الجنابة، وذلك لأن النهي دائم في كل الأزمان، وكل الأحوال، فكان التنبيه على اشتراط الدائم آكد.
وقيل : إن هذه المناهي كان في النساء كثير من يرتكبها، ولا يحجزهن [ عنها ] شرف النسب، فخصت بالذكر لهذا، ونحو منه قوله - ﷺ - لوفد عبد القيس :« » وأنْهَاكُم عن الدُّبَّاء والحنتمِ والنَّقيرِ والمزفَّتِ «
فنبههم على ترك المعصية في شرب الخمر دون سائر المعاصي؛ لأنها كانت شهوتهم وعادتهم، وإذا ترك المرء شهوته من المعاصي، هان عليه ترك سائرها مما لا شهوة له فيها.

فصل


»
لما قال النبي ﷺ في البيعة :« ﴿ وَلا يَسْرِقْنَ ﴾ ﴿ وَلاَ يَزْنِينَ ﴾، قالت هند : يا رسول الله إنَّ أبا سفيان رجل مسِّيك، فهل عليَّ حرج إن أخذت ما يكفيني وولدي؟ فقال :» لا، إلاَّ بالمعرُوفِ «، فخشيت هند أن تقتصر على ما يعطيها، فتضيع، أو تأخذ أكثر من ذلك، فتكون سارقة ناكثة للبيعة المذكورة، فقال لها النبي ﷺ ذلك »، أي : لا حرج عليك فيما أخذت بالمعروف، يعني : من غير استطالة إلى أكثر من الحاجة.
قال ابن العربي رحمه الله :« وهذا إنما هو فيما لا يخزنه عنها في حجاب، ولا يضبط عليه بقفل، فإنه إذا هتكته الزوجة وأخذت منه [ كانت ] سارقة تعصي بها، وتقطع يدها ».

فصل في الكلام على الآية


فإن قيل : هلاَّ قيل : إذا جاءك المؤمنات فامتحنوهن، كما قال في المهاجرات؟.
فالجواب من وجهين : أحدهما : أن الامتحان حاصل بقوله تعالى :﴿ على أَن لاَّ يُشْرِكْنَ ﴾ إلى آخره.


الصفحة التالية
Icon