قوله :﴿ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ﴾.
قال القرطبي : ذكر الأموال أولاً، لأنها التي يبدأ بها في الإنفاق، « ذَلِكُمْ » أي : هذا الفعل ﴿ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾ من أموالكم وأنفسكم، ﴿ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ أنه خير لكم.
قوله :﴿ يَغْفِرُ لَكُمْ ﴾ فيه أوجه :
أحدها : أنه مجزوم على جواب الخبر بمعنى الأمر، كما تقدم.
والثاني : أنه مجزوم على جواب الاستفهام، كما قاله الفراء.
الثالث : أنه مجزوم بشرط مقدر، أي : إن تؤمنوا يغفر لكم.
قال القرطبي :« وأدغم بعضهم، فقرأ :» يَغْفر لَكُمْ «، والأحسن ترك الإدغام لأن الراء حرف متكرر قويّ فلا يحسن الإدغام في اللام؛ لأن الأقوى لا يدغم في الأضعف ».
قوله :﴿ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً ﴾.
روى الحسنُ قال :« سألت عمران بن حصينٍ وأبا هريرة عن قوله تعالى :﴿ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً ﴾، فقالا : على الخبير [ سقطت ]، سألنا رسول الله ﷺ عنها فقال :» قَصْرٌ مِن لُؤلُؤة في الجنَّةِ، في ذلِكَ القصْرِ سَبْعُونَ داراً من ياقُوتةٍ حَمْراءَ، فِي كُل دَار سَبْعُونَ بَيْتاً من زَبرْجدة خَضْراءَ، فِي كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ سَرِيراً، عَلَى كُلِّ سَريرٍ سَبْعُونَ فِرَاشاً من كُلِّ لَوْنٍ على كُلِّ فِراشٍ سَبعُونَ امْرَأةً، من الحُورِ العِينِ، فِي كُلِّ بيتٍ سَبْعُونَ مَائدةً، عَلى كُلِّ مائدةٍ سَبْعُون لوْناً من الطَّعام، فِي كُلِّ بَيْتٍ سبعُون وصيفاً ووصيفَةً، فيُعْطِي اللَّهُ تعالى المُؤمِنَ القُوَّة في غَدَاةٍ واحدةٍ مَا يَأتِي ذَلِكَ كُلِّهِ «.
قوله :﴿ فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ﴾.
أي دار إقامة. ﴿ ذلك الفوزُ العظيمُ ﴾ أي : السعادة الدائمة الكبيرة، وأصل الفوز الظفر بالمطلوب.
قوله :﴿ وأخرى تُحِبُّونَهَا ﴾. فيها أوجه :
أحدها : أنها في موضع رفع على الابتداء وخبرها مقدر، أي : ولكم أو وثمَّ أو عنده خصلة أخرى أو مثوبة أخرى، و » تُحِبُّونهَا « : نعت له.
الثاني : أن الخبر جملة حذف مبتدؤها، تقديره : هي نصر، والجملة خبر » أخرى «. قاله أبو البقاء.
الثالث : أنها منصوبة بفعل محذوف للدلالة عليه بالسِّياق، أي : ويعطكم، أو يمنحكم مثوبة أخرى، و » تُحِبُّونهَا « نعت لها أيضاً.
الرابع : أنها منصوبة بفعل مضمر يفسره » تُحِبُّونهَا « فيكون من الاشتغال، وحينئذ لا يكون » تحبونها « نعتاً لأنه مفسر للعامل فيه.
الخامس : أنها مجرورة عطفاً على » تجارة «.
وضعف هذا بأنها ليست مما دلَّ عليه إنما هي ثواب من عند الله.
قال القرطبي :» هذا الوجه منقول عن الأخفش والفراء «.
قوله :﴿ نَصْرٌ مِّنَ الله ﴾.
خبر مبتدأ مضمر، أي : تلك النعمة، أو الخلة الأخرى نصر، » من الله « نعت له أو متعلق به، أي : ابتداؤه منه.
ورفع » نَصْرٌ، وفَتْحٌ « قراءة العامة.
ونصب ابن أبي عبلة الثلاثة. وفيه أوجه ذكرها الزمخشري.