وقال ابن شهاب :[ فامضوا ] إلى ذكر الله، سالكاً تلك السبيل، وهو كله تفسير منهم لا قراءة قرآن منزل، وجائز قراءة القرآن بالتفسير في معرض التفسير.
قال أبو بكر بن الأنباري : وقد احتج من خالف المصحف بقراءة عمر وابن مسعود، وأن خرشة بن الحر قال : رآني عمر - رضي الله عنه - ومعي قطعة فيها :﴿ فاسعوا إلى ذِكْرِ الله ﴾ فقال عمر : من أقرأك هذا؟ قلت : أبيٌّ، فقال : إن أبيًّا أقرؤنا للمنسوخ ثم قرأ عمر :﴿ فامضُوا إلى ذِكْرِ اللَّهِ ﴾.
وقال الفراء وأبو عبيدة : معنى السَّعي في الآية المضي للجمعة.
واحتج الفراء بقولهم : هو يسعى في البلاد يطلب فضل الله.
واحتج أبو عبيدة بقول الشاعر :[ السريع ]
٤٧٦٩ - أسْعَى عَلَى جدِّ بَنِي مَالِكٍ | كُلُّ امْرِىءٍ فِي شأنِهِ سَاعِ |
قال القرطبي : وما يدلّ على أن المراد هنا العدو، قوله - ﷺ - :« إذَا أقِيمَتِ الصَّلاةُ فَلاَ تَأتُوهَا وأنتُمْ تَسْعونَ ولكِن ائْتُوهَا وعَليْكُمُ السَّكِينَةُ ».
قال الحسنُ رضي الله عنه : أما والله ما هو بالسَّعْي على الأقدام، ولقد نهوا أن يأتوا الصَّلاة إلا وعليهم السكينة والوقار، ولكن بالقلوب والنية والخشوع.
وقال قتادة : السعي أن تسعى بقلبك وعملك.
فصل في أن الآية خطاب للمكلفين
هذه الآية خطاب للمكلفين [ بالإجماع ] ويخرج منه المرضى والزمنى والمسافرون والعبيد والنساء بالدليل والعميان والشيخ الذي لا يمشي إلا بقائد عند أبي حنيفة.
لما روى الدارقطني عن أبي الزبير عن جابر « أن رسول الله ﷺ قال » مَنْ كَانَ يُؤمِنُ باللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ فَعليْهِ الجُمُعة يَوْمُ الجُمُعةِ إلاَّ مَريضٌ أو مُسافِرٌ أو امْرَأةٌ أوْ صَبِيٌّ أو مَمْلوكٌ، فمن اسْتَغْنَى بِلَهْوٍ أو تجارة اسْتَغْنَى اللَّهُ - عزَّ وجلَّ - عَنْهُ، واللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ «.
قال العلماء رضي الله عنهم : لا يتخلف أحد عن الجمعة ممن عليه إتيانها إلا بعذر لا يمكنه معه الإتيان إليها كالمرض الحابس أو خوف الزيادة في المرض أو خوف جور السلطان عليه في مال أو ولد دون القضاء عليه بحق. والمطر الوابل مع الوَحْل عذر إن لم ينقطع.
وروى المهدوي عن مالك أنهما ليسا بِعُذْرٍ.
ومن له ولي حميم قد حضرته الوفاة، ولم يكن عنده من يقوم بأمره فهو معذور، وقد فعل ذلك ابن عمر رضي الله عنه، ومن تخلف عنها لغير عذر فصلى قبل الإمام أعاده ولا يجزيه أن يصلي قبله وهو عاص في تخلفه ذلك مع إمكانه.
فصل في وجوب السعي
وجوب السعي يختص بالقريب الذي يسمع النداء، فأما البعيد الذي لا يسمع النداء فلا يجب عليه السعي.
واختلف الناس في القريب والبعيد.