فقال ابن عمرو وأبو هريرة رضي الله عنهما وأنس : تجب الجمعة على من كان في المصر على ستة أميال.
وقال ربيعة : أربعة أميال.
وقال مالك والليث : ثلاثة أميال.
وقال الشافعيُّ : اعتبار سماع الأذان أن يكون المؤذن صَيِّتاً، والأصوات هادئة، والريح ساكنة، وموقف المؤذن عند سور البلد.
« وروت عائشةُ - رضي الله عنها - أن الناس كانوا ينتابُون الجمعة من منازلهم من العوالي فيأتون في الغبار ويصيبهم الغبار فيخرج منهم الريح، فقال النبي ﷺ » لو اغْتسَلْتُمْ ليَوْمِكُمْ هَذَا «.
قال العلماء : والصوت إذا كان رفيعاً والناس في هدوء وسكون، فأقصى سماع الصوت ثلاثة أميال، والعوالي من »
المدينة « أقربها على ثلاثة أميال.
وقال أحمد بن حنبل وإسحاق : تجب الجمعة على من سمع النداء لقوله - ﷺ - :»
إنَّمَا الجُمعَةُ عَلَى مَن سَمِعَ النِّداءَ «.
وقال أبو حنيفة وأصحابه : تجب الجمعة على من في المصر سمع النداء أو لم يسمعه ولا تجب على من هو خارج المصر ولو سمع النداء، حتى سئل : وهل تجب الجمعة على أهل »
زبارة « وهي بينها وبين الكوفة مجرى نهر؟ فقال : لا.
وروي عن ربيعة أيضاً : أنها تجب على من إذا سمع النداء وخرج من بيته ماشياً أدرك الصلاة.

فصل في وجوب الجمعة بالنداء.


دلّت هذه الآية على أن الجمعة لا تجب إلا بالنداء، والنداء لا يكون إلا بدخول الوقت لقوله - ﷺ - :»
إذَا حَضرتِ الصَّلاةُ فليُؤذِّنْ أحَدُكُمَا وليَؤُمّكما أكْبَركُمَا «.
وروى أنس بن مالك »
أن النبي ﷺ « كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس » «.
وروي عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وأحمد بن حنبل : أنها تصلى قبل الزوال، واستدل أحمد بحديث سلمة بن الأكوع :»
كنا نصلّي مع النبي ﷺ ثم ننصرف وليس للحيطان ظلٌّ «.
وحديث ابن عُمَر :»
ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة «.
وأخرج مسلم مثله عن سهل.
قال القرطبي : وحديث سلمة محمول على التكبير، لقول سلمة :»
كنا نُجمِّعُ مع رسول الله ﷺ إذا زالت الشَّمس ثم نرجع ونتتبّع الفيء «.

فصل


نقل عن بعض الشافعية أن الجمعة فرض على الكفاية، وجمهور الأمة على أنها فرض عين لقوله تعالى :﴿ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الجمعة فاسعوا إلى ذِكْرِ الله وَذَرُواْ البيع ﴾.
وقال - ﷺ - :»
ليَنْتَهينَّ أقْوامٌ عَنْ ودْعِهِمُ الجُمعاتِ أو ليَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلوبِهِم ثُمَّ ليَكونُنَّ مِنَ الغَافِلِينَ «.
وروى ابن ماجه في »
سننه « قال : قال رسول الله ﷺ :


الصفحة التالية
Icon