« مَن تركَ الجُمَعَة ثَلاثَ مرَّاتٍ طَبَعَ اللَّهُ على قَلْبِهِ »، إسناده صحيح.
وقال ابن العربي : ثبت عن النبي ﷺ أنه قال :« الرَّواحُ إلى الجُمُعَةِ واجِبٌ على كُلِّ مُسْلمٍ ».

فصل في العدد الذي تنعقد به الجمعة


اختلفوا في العدد الذي تنعقد به الجمعة.
فذهب قوم إلى أن كل قرية اجتمع فيها أربعون رجلاً أحراراً عاقلين مقيمين لا يظعنون عنها شتاء ولا صيفاً إلا ظعن حاجة تجب عليهم إقامة الجمعة فيها، وهو قول عبيد الله بن عبد الله وعمر بن عبد العزيز، وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق، قالوا : لا تنعقد الجمعة بأقل من أربعين رجلاً على هذه الصفة، وشرط عمر بن عبد العزيز مع الأربعين أن يكون فيهم والٍ، وعند أبي حنيفة تنعقد بأربعة والوالي شرط.
وقال الأوزاعي وأبو يوسف : تنعقد بثلاث إذا كان فيهم وال.
وقال الحسن وأبو ثور : تنعقد باثنين كسائر الصلوات.
وقال ربيعة : تنعقد باثني عشر رجلاً.

فصل في اجتماع العيد والجمعة.


إذا اجتمع العيد والجمعة سقط فرض الجمعة عند أحمد لتقدم العيد عليها واشتغال الناس به عنها، ولما روي أن عثمان أذن في [ يوم ] عيد لأهل العوالي أن يتخلفوا عن الجمعة.
وقال غيره : لا يسقط فرض الجمعة لأن الأمر بالسعي متوجه يوم العيد كتوجهه في سائر الأيام، وقول الصحابي ليس بحجة إذا خولف فيه ولم يجمع معه عليه.
وفي صحيح مسلم عن النعمان بن بشير قال :« كان رسول الله ﷺ يقرأ في العيدين وفي الجمعة :﴿ سَبِّحِ اسم رَبِّكَ الأعلى ﴾ [ الأعلى : ١ ] و ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغاشية ﴾ [ الغاشية : ١ ] قال وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد يقرأ بهما أيضاً في الصَّلاتين » أخرجه أبو داود والترمذي والنَّسائي وابن ماجه.
قوله :﴿ إلى ذِكْرِ الله ﴾.
أي : الصلاة.
وقيل : الخطبة والمواعظ. قاله سعيد بن جبير.
قال ابن العربي : والصحيح أنه واجب في الجميع؛ لأنها تحرم البيع، ولولا وجوبها ما حرمته؛ لأن المُستحبَّ لا يحرم المباح.
قال القرطبي : وإذا قلنا : إنَّ المراد بالذِّكر الصَّلاة فالخطبة من الصَّلاة، والعبد يكون ذاكراً لله بقلبه كما يكون مسبحاً لله بفعله.
قال الزمخشري :« فإن قلت : كيف يفسر ذكر الله بالخطبة وفيها غير ذلك؟.
قلت : ما كان من ذكر رسول الله والثناء عليه وعلى خلفائه الراشدين وأتقياء المؤمنين والموعظة والتذكير، فهو في حكم ذكر الله، فأما ما عدا ذلك من ذكر الظلمة وألقابهم والثناء عليهم والدعاء لهم وهم أحقاء بعكس ذلك »
.

فصل في السفر يوم الجمعة


ذهب بعضهم إلى أنه إذا أصبح يوم الجمعة مقيماً فلا يسافر حتى يصلي الجمعة، وذهب بعضهم إلى الجواز، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال :


الصفحة التالية
Icon