وكان معه جميع ما يحتاج إليه الناس من بر ودقيق وغيره، فنزل عند أحجار الزيت، وضرب بالطبل [ ليؤذن ] الناس بقدومه، فخرج الناس إلا اثنا عشر رجلاً.
وقيل : أحد عشر رجلاً.
وحكى البغوي قال :« فلما رأوه قام خشية أن يسبقوا إليه ».
قال الكلبي : كانوا في خطبة الجمعة فانفضوا إليه وبقي مع رسول الله ﷺ ثمانية رجال، وحكاه الثعلبي عن ابن عباس.
وذكر الدارقطني من حديث جابر قال :« بينما رسول الله ﷺ يخطب يوم الجمعة إذ أقبلت عير تحمل الطعام حتى نزلت بالبقيع فالتفتوا إليها، وانفضوا إليها، وتركوا رسول الله ﷺ ليس معه إلا أربعين رجلاً أنا فيهم »، قال : وأنزل الله على النبي ﷺ :﴿ وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفضوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً ﴾.
قال الدارقطني : لم يقل في هذا الاسناد :« إلا أرْبعِينَ رَجُلاً » غير علي بن عاصم عن حصين، وخالفه أصحاب حصين، فقالوا : لم يبق مع النبي ﷺ إلا اثنا عشر رجلاً.
واحتج بهذا الحديث من يرى أن الجمعة تنعقد باثني عشر رجلاً، وليس فيه بيان أنه أقام بهم الجمعة. وذكر الزمخشري أن النبي - ﷺ - قال :« والَّذي نَفْسِي بِيدِهِ لوْ خَرَجُوا جَمِيعاً لأضرَمَ اللَّهُ عليْهِمُ الوَادِي نَاراً ».
وروي في حديث مرسل عن أسد بن عمرو والد أسد بن موسى بن أسد، وفيه : أن رسول الله ﷺ لم يبق معه إلا أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح، وسعيد بن زيد، وبلال وعبد الله بن مسعود في إحدى الروايتين، وفي الرواية الأخرى عمار بن ياسر.
قال القرطبي :« لم يذكر جابراً.
وذكر مسلم : أنه كان فيهم.
والدارقطني أيضاً فيكونون ثلاثة عشر، وإن كان عبد الله بن مسعود فيهم فهم أربعة عشر ».
قوله :﴿ انفضوا إِلَيْهَا ﴾.
أعاد الضمير على التجارة دون اللهو لأنها الأهم في السبب.
قال ابن عطية :« وقال : إليها، ولم يقل : إليهما، تهمُّماً بالأهم، إذ كانت هي سبب اللهو، ولم يكن اللَّهْو سببها، وتأمل أن قدمت التجارة على اللهو في الرؤية؛ لأنها أهم، وأخرت مع التفضيل لتقع النفس أولاً على الأبْيَن » انتهى.
وفي قوله :« لم يقل : إليهما » ثم أجاب بما ذكر نظر، لأن العطف « بأو » لا يثنى معه الضمير ولا الخبر ولا الحال، ولا الوصف؛ لأنها لأحد الشيئين، ولذلك تأول الناس :