وقوله : الزبيدي، تصحيف، إما منه، وإما من الناسخ، إنما هو اليزيدي تلميذ أبي عمرو بن العلاء، ونقل ذلك الزمخشري.
وأما القراءة بضمة وسكون.
فقيل : هي تخفيف الأولى.
وقيل : هي جمع خشباء، كما تقدم.
وهي الخشبة التي نُخِر جوفها، أي : فرغ، شبهوا بها لفراغ بواطنهم مما ينتفع به.
وأما القراءة - بفتحتين - فهو اسم جنس، وأنِّثَتْ صفته، كقوله :﴿ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ﴾ [ الحاقة : ٧ ] وهو أحد الجائزين.
وقول :« مُسَنَّدَةٌ ».
تنبيه على أنه لا ينتفعُ بها كما ينتفعُ بالخشب في سقفٍ وغيره، أو شبهوا بالأصنام؛ لأنهم كانوا يسندونها إلى الحيطان شبهوا بها في حسن صورهم وقلة جدواهم.
وقيل : شُبِّهُوا بالخشب المُسنَّدةِ إلى الحائط، لأن الخشبة المسنَّدة إلى الحائط أحدُ طرفيها إلى جهة، والآخرُ إلى جهة أخرى.
والمنافق كذلك لأن أحد طرفيه وهو الباطن إلى جهة أهل الكفر، والطرف الآخر وهو الظاهرُ إلى جهة أهلِ الإسلام.
ونقل القرطبي عن سيبويه أنه يقال :« خَشَبةٌ وخِشَابٌ وخُشُبٌ » مثل : ثَمَرة وثِمَار وثُمُر، والإسناد : الإمالة، تقول : أسندتُ الشيء أي : أملته، و « مُسَنَّدةٌ » للتكثير، أي : استندوا إلى الإيمان لحقن دمائهم.
قوله :﴿ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ﴾.
فيه وجهان :
أظهرهما : أن « عليهم » هو المفعول الثاني للحسبان، أي واقعة وكائنة عليهم ويكون قوله :﴿ هُمُ العدو ﴾ جملة مستأنفة، أخبر الله عنهم بذلك.
والثاني : أن يكون « عليهم » متعلقاً ب « صَيحةٍ » و « هُمُ العَدُوُّ » جملة في موضع المفعول الثاني للحسبان.
قال الزمخشري :« ويجوز أن يكون » هُمُ العَدُوُّ « هو المفعولُ الثَّاني كما لو طرحت الضمير.
فإن قلت : فحقه أن يقال : هي العدُوُّ، قلت : منظور فيه إلى الخبر كما في قوله :﴿ هذا رَبِّي ﴾ [ الأنعام : ٧٧ ]، وأن يقدر مضافٌ محذوفٌ أي : يحسبون كل أهلِ صيحةٍ »
انتهى.
وفي الثاني بعد بعيد.

فصل


وصفهم الله تعالى بالجُبْنِ والخَوَر.
قال مقاتل والسدي : إذا نادى مناد في العسكر أن أنفلتت دابة، أو أنشدت ضالّة ظنوا أنهم هم المرادون، لما في قلوبهم من الرعب.
كما قال الأخطل :[ الكامل ]
٤٧٧٣ - مَا زِلْتَ تَحْسَبُ كُلَّ شَيْءٍ بَعْدَهُمْ خَيْلاً تكرُّ عَليْهِمُ ورِجَالا
وقيل :﴿ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ ﴾، أنهم قد فطن بهم وعلم بنفاقهم؛ لأن للريبة خوفاً، استأنف الله خطاب نبيه - ﷺ - فقال :« هم العَدُوُّ » وهذا معنى قول الضحاك.
وقيل : يَحْسَبُونَ كُلَّ صيحةٍ يسمعونها في المسجد أنها عليهم، وأن النبي ﷺ قد أمر فيها بقتلهم، فهم أبداً وجلُون من أن ينزل الله فيهم أمراً يبيح به دماءهم، ويَهْتِكُ به أسْتارهُم، ثم وصفهم الله بقوله ﴿ هُمُ العدو فاحذرهم ﴾ حكاه عبد الرحمن بن أبي حاتم.


الصفحة التالية
Icon